للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ١، وَأَبُو الطَّيِّبِ وَالآمِدِيُّ٢ وَابْنُ الْحَاجِبِ٣، إلاَّ أَنَّهُمْ زَادُوا "وَ٤الْوُضُوحِ" تَأْكِيدًا وَتَقْرِيرًا.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: هَذَا الْحَدُّ "غَيْرُ"٥ تَامٍّ, لأَنَّهُ لا يَدْخُلُ فِيهِ إلاَّ مَا كَانَ مُشْكِلاً, ثُمَّ أَظْهَرُوا مَا تَبْيِينُهُ ابْتِدَاءً مِنْ الْقَوْلِ، كَقَوْله تَعَالَى: {هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} ٦ فَهَذَا لَمْ يَكُنْ مُشْكِلاً٧.

قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: رُبَّمَا وَرَدَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بَيَانٌ لِمَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِ أَحَدٍ.

وَأَيْضًا فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْحَيِّزِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الأَجْسَامِ، تَجَوُّزٌ فِي إطْلاقِهِ


١ قول المصنف أن إمام الحرمين تبع الصيرفي البيان بهذا التعريف غير سديد. وذلك لأن إمام الحرمين حكى هذا التعريف عن بعض من ينتسب إلى الأصوليين –على حد تعبيره- ثم رده بقوله: "وهذه العبارة وإن كانت محومة على المقصود، فليست مرضية، فإنها مشتملة على ألفاظ مستعارة -كالحيز والتجلي- وذوو البصائر لا يودعون مقاصد الحدود إلا في عبارات هي قوالب لها، تبلغ الغرض من غير قصور ولا ازدياد، يفهمها المبتدئون، ويحسنها المنتهون". "انظر البرهان ١/١٥٩".
٢ الصواب أن الآمدي لم يتبع الصيرفي في هذا الحد، وإنما حكاه عنه، ثم عابه ورده لأمور ثلاثة ذكرها، أحدها أنه غير جامع. والثاني أن فيه تجوزاً. والثالث أن فيه زيادة. "انظر الإحكام في أصول الأحكام ٣/٢٥".
٣ مختصر ابن الحاجب وشرحه العضد ٢/١٦٢.
٤ ساقطة من ز.
٥ زيادة على سائر النسخ يقتضيها السياق، ويدل عليها نص القاضي في العدة.
٦ لآية ١١٦ من النحل.
٧ نقل المصنف لهذا القول عن القاضي أبي يعلى فيه تغيير وتصرف، وعبارة القاضي في "العدة" بعد إيراد تعريف الصيرفي: "وفي هذه العبارة خلل، لأن هذا الوصف إنما يوجد في بعض أقسام البيان، وهو بيان المجمل الذي لا يستقل بنفسه. فأما الخطاب المبتدأ من الله تعالى ومن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن سائر المخاطبين إذا كان ظاهر المعنى بين المراد، فهو بيان صحيح، وإن لم يشمل عليه هذا الوصف. ألا ترى أن قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} وقوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} قد حصل به البيان، وإن لم يكن قبل ظهور ذلك إشكال أخرجه إلى التجلي، بل قد علمنا أن الغسل لم يكن واجباً، فبين وجبه بالآية" "العدة١/١٠٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>