للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَادِيٍّ، "أَوْ شَرْعِيٍّ"١ كَوُجُودِ الْبَارِي، وَإِحْرَاقِ النَّارِ، وَإِيمَانِ زَيْدٍ ثُمَّ يَنْسَخَهُ, فَهَذَا جَائِزٌ اتِّفَاقًا.

وَهَلْ يَجُوزُ نَسْخُهُ بِنَقِيضِهِ "أَيْ بِأَنْ يُكَلِّفَهُ الإِخْبَارَ بِنَقِيضِهِ"٢؟ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ، خِلافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَمَبْنَاهُ عَلَى٣ أَصْلِهِمْ فِي حُكْمِ الْعَقْلِ؛ لأَنَّ أَحَدَهُمَا كَذِبٌ، فَالتَّكْلِيفُ بِهِ قَبِيحٌ. وَقَدْ عَلِمْت فَسَادَهُ٤.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: الثَّالِثُ: أَنْ يُرَادَ مَعَ نَسْخِهِ التَّكْلِيفُ بِالإِخْبَارِ بِضِدِّ الأَوَّلِ، إلاَّ أَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ مِمَّا لا يَتَغَيَّرُ كَالإِخْبَارِ بِكَوْنِ السَّمَاءِ فَوْقَ الأَرْضِ، يُنْسَخُ بِالإِخْبَارِ بِأَنَّ السَّمَاءَ تَحْتَ الأَرْضِ. وَذَلِكَ جَائِزٌ وَخَالَفَ الْمُعْتَزِلَةُ فِيهِ، كَمَا قَالَ الآمِدِيُّ٥، مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا٦ كَذِبٌ، وَالتَّكْلِيفُ بِهِ قَبِيحٌ، فَلا يَجُوزُ عَقْلاً. وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ الْبَاطِلَةِ فِي التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْكَذِبُ نَقْصٌ، وَقَبَّحَهُ بِالْعَقْلِ بِاتِّفَاقٍ، فَلِمَ لا يَمْتَنِعُ؟

فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْقُبْحَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِفَاعِلِهِ لا لاعْتِبَارِ٧ التَّكْلِيفِ بِهِ بَلْ إذَا كُلِّفَ بِهِ صَارَ جَائِرًا فَلا يَكُونُ قَبِيحًا٨، إذْ لا حُسْنَ وَلا قُبْحَ إلاَّ بِالشَّرْعِ، لا سِيَّمَا


١ زيادة من شرح العضد.
٢ زيادة من شرح العضد.
٣ ساقطة من شرح العضد.
٤ شرح العضد على مختصر ابن الحاجب ٢/١٩٥.
٥ في كتابه الإحكام في أصول الأحكام ٣/١٤٤.
٦ في ز: إحداهما.
٧ في ش: باعتبار. وفي ض: لا اعتبار.
٨ في ع ض ب: نسخاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>