للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا نَسْخُ الآحَادِ مِنْ السُّنَّةِ بِمِثْلِهَا فَكَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَيْدَةَ١، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا" ٢.

رَوَاهُ٣ التِّرْمِذِيُّ بِزِيَادَةٍ: "فَإِنَّهَا٤ تُذَكِّرُكُمْ٥ الآخِرَةَ" وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ٦.

وَوَجْهُ الشَّاهِدِ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُنْت نَهَيْتُكُمْ" فَصَرَّحَ بِأَنَّ النَّهْيَ مِنْ السُّنَّةِ، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ.

وَأَمَّا نَسْخُ الآحَادِ مِنْ السُّنَّةِ بِالْمُتَوَاتِرِ مِنْهَا: فَجَائِزٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ.

"وَ" يَجُوزُ "عَقْلاً لا شَرْعًا" نَسْخُ سُنَّةٍ "مُتَوَاتِرَةٍ بِآحَادٍ" عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا.

وَقَالَ الطُّوفِيُّ٧ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالظَّاهِرِيَّةُ٨: يَجُوزُ.


١ هو الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي. أسلم قبل بدر ولم يشهدها، وكان فارساً شجاعاً، سكن المدينة ثم البصرة ثم مرو، وتوفي بها سنة ٦٢هـ، وهو آخر من توفي من الصحابة بخراسان، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة وأربعة وستون حديثاً. "انظر ترجمته في تهذيب الأسماء واللغات ١/١٣٣، شذرات الذهب ١/٧٠، اصد الغابة ١/٢٠٩، طرح التثريب ١/٣٦".
٢ صحيح مسلم ٢/٦٧٢، وقد سبق تخريجه في ج٢ ص٥٥٤.
٣ في ش: ورواه.
٤ ساقطة من ع ز ض ب.
٥ لفظ الترمذي: تذكر.
٦ سنن الترمذي مع شرح عارضة الأحوذي ٤/٢٧٤.
٧ مختصر الطوفي ص٧١، وقد تابع الطوفي في ذلك ابن قدامة في الروضة. "انظر الروضة ص٨٦" وقد عللا رأيهما بجواز النسخ متواتر السنة بآحادها عقلاً بأنه لا يمتنع في العقل أن يقول الشارع تعبدتكم بالنسخ بخبر الواحد. أما شرعاً فلا يجوز لإجماع الصحابة على امتناعه.
٨ الإحكام في أصول الأحكام لابن جزم ٤/٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>