للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَعَلَ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ نَسْخَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ بِأَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ١ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ٢ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ.

وَمَنَعَ ابْنُ عَقِيلٍ الْقَوْلَ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحُكِيَ عَنْ التَّمِيمِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي الْمُسَوَّدَةِ٣, لأَنَّ دَلالَتَهُ دُونَهُ٤.

"وَ" الْوَجْهُ الرَّابِعُ: مِنْ طُرُقِ مَعْرِفَةِ تَأَخُّرِ النَّاسِخِ "قَوْلُ الرَّاوِي" لِلنَّاسِخِ "كَانَ كَذَا وَنُسِخَ، أَوْ رُخِّصَ فِي كَذَا ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ وَنَحْوِهِمَا"٥ كَقَوْلِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ٦ وَكَقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ، ثُمَّ قَعَدَ٧ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كَثِيرٌ.


١ سبق تخريج الحديث في المجلد الثاني صفحة ٥٦٦، ٥٦٧.
٢ في ض ب: ما قدم.
٣ المسودة ص٢٢٩.
٤ أي أن دلالة الفعل دون دلالة صريح القول، والشيء إنما ينسخ بمثله أو بأقوى منه، فأما بدونه فلا. "المسودة ص٢٢٩".
٥ انظر المسودة ص٢٣١، العدة ٣/٨٣٢، الاعتبار للحازمي ص١٠، الإحكام لابن حزم ٤/٤٥٩، اللمع ص٣٤، روضة الناظر ص٨٩، مختصر الطوفي ٨٣، فتح الغفار ٢/١٣٦، فواتح الرحموت ٢/٩٥، إرشاد الفحول ص١٩٧، وقد خالف في حجية هذا الوجه فريق من العلماء كالغزالي والرازي والآمدي، واستدلوا على ذلك بأن قول الراوي هذا ربما كان اجتهاداً، فلا يكون حجة على الغير. "المستصفى ١/١٢٨، الإحكام للآمدي ٣/١٨، المحصول ج١ ق٣/٥٦٦".
غير أن صاحب فواتح الرحموت رد عليهم حجتهم فقال: "إن تعيين العدل الموثوق بعدالته، بل مقطوعها لناسخ لا يكون إلا عن علم بالتاريخ والتعارض، فإن المراد عنده معلوم بمشاهدة القرائن، فحكمه بالنسخ عن بصيرة، ولا مجال للاجتهاد فيه". "فواتح الرحموت ٢/٩٥".
٦ رواه الحازمي في كتابه الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ص٥٠.
٧ أخرجه مسلم والترمذي والبيهقي ومالك في الموطأ، ولفظ مسلم "رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا، وقعد فقعدنا" يعني للجنازة. ولفظ البيهقي: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الجنائز حتى توضع وقام الناس معه، ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود". "انظر صحيح مسلم ٢/٦٦٢،الموطأ=

<<  <  ج: ص:  >  >>