للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّكَّاكِيِّ١ وَتَبِعَهُ فِي "التَّخْلِيصِ"٢.

"وَالتَّعْرِيضُ حَقِيقَةٌ، وَهُوَ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ مَعَ التَّلْوِيحِ بِغَيْرِهِ" أَيْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْضِ – بِالضَّمِّ -، وَهُوَ الْجَانِبُ. فَكَأَنَّ اللَّفْظَ وَاقِعٌ فِي جَانِبٍ٣ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي لَوَّحَ بِهِ٤.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ٥ [أَيْ] غَضِبَ أَنْ عُبِدَتْ هَذِهِ الأَصْنَامُ مَعَهُ فَكَسَّرَهَا، وَإِنَّمَا قَصْدُهُ التَّلْوِيحُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَغْضَبُ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ بِإِلَهٍ مِنْ طَرِيقِ الأَوْلَى.

وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ اللَّفْظَ - وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ فِي الْخَارِجِ - لا يَكُونُ كَذِبًا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ التَّوَصُّلَ إلَى غَيْرِهِ بِكِنَايَةٍ كَمَا سَبَقَ، وَتَعْرِيضٍ


١ مفتاح العلوم للسكاكي ص١٩٥. وفي ع: الكسائي.
والسكّاكي: هو يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي، السكاكي الخوارزمي الحنفي، أبو يعقوب، سراج الدين. قال السيوطي: "كان علاّمة بارعاً في فنون شتى، خصوصاً المعاني والبيان، وله كتاب "مفتاح العلوم" فيه اثنا عشر علماً من علوم العربية". توفي سنة ٦٢٦هـ. "انظر ترجمته في بغية الوعاة ٢/ ٣٦٤، شذرات الذهب ٥/ ١٢٢".
٢ التلخيص للقزويني ص٣٣٧، ٣٤٦.
٣ في ش: جنب.
٤ انظر تفصيل الكلام على التعريض في "الفوائد المشوق إلى علوم القرآن ص١٣٣ وما بعدها، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه ١/ ٣٣٣ وما بعدها، الطراز ١/ ٣٨٠-٣٩٩، البرهان ٢/ ٣١١ وما بعدها".
٥ الآية ٦٣ من الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>