للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْبَاقِلاَّنِيُّ: وَلَيْسَ لَهُ تَخْيِيرُ الْمُسْتَفْتِي وَالْخُصُومِ، وَلا الْحُكْمُ فِي وَقْتٍ بِحُكْمٍ، وَفِي وَقْتٍ بِحُكْمٍ آخَرَ، بَلْ يَلْزَمُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ١. قَالَ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُ الأَقْوَالِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ كَالْكَفَّارَةِ، أَوْ بِالْتِزَامِهِ كَالنَّذْرِ؟ لَهُمْ فِيهِ قَوْلانِ. انْتَهَى.

وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ التَّعَادُلَ فِي الأَمَارَتَيْنِ فِي نَفْسِ الأَمْرِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ، فَإِمَّا أَنْ يَعْمَلَ بِهِمَا، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ، أَوْ لا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ وَضْعُهُمَا عَبَثًا، وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ٢ يُعْمَلُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى التَّعْيِينِ٣، وَهُوَ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، أَوْ لا عَلَى التَّعْيِينِ، بَلْ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ: يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَمَارَةِ الإِبَاحَةِ بِعَيْنِهَا، لأَنَّهُ٤ لَمَّا جَازَ لَهُ٥ الْفِعْلُ، وَالتَّرْكُ


١ قال الرازي لا يجوز للمجتهد أن يعمل إلا بأحد القولين في حق نفسه ويتخير منهما، كما قال الباقلاني، ثم خالف الرازي الباقلاني في المفتي، فقال: "وإن وقع للمفتي كان حكمه أن يخير المستفتي في العمل بأيهما شاء، كما يلزمه ذلك في أمر نفسه" "المحصول ٢/٢/٥٢٠".
أما الحاكم فقد اختلف علماء الفقه والأصول فيما إذا حكم الحاكم بإحدى الأمارتين، فهل يجوز له الحكم بلأمارة الأخرى؟ فقال الرازي والبيضاوي والإسنوي كالباقلاني: لا يجوز له ذلك، وقال الأكثرون يجوز ذلك لقضاء عمر رضي الله عنه في المسألة المشتركة.
انظر: المحصول ٢/٢/٥٢٠، نهاية السول ٣/١٨٤، التمهيد ص ١٥٤.
٢ في ع: و.
٣ في ب: التعين.
٤ في ش: لا.
٥ في ش: به.

<<  <  ج: ص:  >  >>