للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تَصِحُّ طَاعَةُ مَنْ لا يَعْرِفُ، وَلا مَعْرِفَةُ مَنْ١ لَمْ يَنْظُرْ٢.

"وَ" اُخْتُلِفَ: هَلْ بَيْنَ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَمَعْرِفَتِهِ تَعَالَى فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ، أَمْ لا؟

فَـ٣ "فِي قَوْلٍ: لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عَقْلاً" قَالَ الرَّازِيّ: لا فَرْقَ بَيْنَ الشُّكْرِ وَمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَقْلاً. فَمَنْ أَوْجَبَ الشُّكْرَ عَقْلاً أَوْجَبَ الْمَعْرِفَةَ، وَمَنْ لا فَلا، قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: هُوَ عِنْدَهُمْ مِنْ النَّظَرِيَّاتِ، لا مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ. قَالَ الأُرْمَوِيُّ٤ فِي "الْحَاصِلِ": هُمَا مُتَلازِمَانِ٥.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الشُّكْرَ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ٦؛ لأَنَّ الشُّكْرَ عِنْدَهُمْ إتْعَابُ النَّفْسِ بِفِعْلِ الْمُسْتَحَبَّاتِ الْعَقْلِيَّاتِ٧، كَالنَّظَرِ إلَى مَصْنُوعَاتِهِ وَالسَّمْعِ إلَى الآيَاتِ، وَالذِّهْنِ إلَى فَهْمِ مَعَانِيهَا٨. فَعِنْدَهُمْ مُدْرِكُ وُجُوبِ الشُّكْرِ عَقْلِيٌّ لِلْبُرْهَانِ الْكُلِّيِّ٩ الْعَقْلِيِّ، وَمُخَالِفُوهُمْ


١ في ع ب ض: لمن.
٢ انظر: شرح الأصول الخمسة ص٨٧.
٣ في ش ز: و.
٤ هو محمد بن حسين بن عبد الله الأزْمَوي، الفقيه الأصولي القاضي، كان من أكبر تلامذة الإمام فخر الدين الرازي، واختصر "المحصول"، وسماه "الحاصل" وكانت له شهرة وثروة ووجاهة، وكان متواضعاً، استوطن بغداد، ودرّس بالمدرسة الأشرفية، توفي في بغداد سنة ٦٥٦هـ وقيل ٦٥٣هـ. "انظر: طبقات الشافعية، الإسنوي ١/ ٤٥١، كشف الظنون ٢/ ١٦١٥، معجم المؤلفين ٩/ ٢٤٤".
٥ انظر: مناهج العقول ١/ ١٥٢ وما بعدها، الشامل في أصول الدين ص١٢٠.
٦ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ٨٧، مناهج العقول ١/ ١٥٢، شرح الأصول الخمسة ص٨٧.
٧ معنى الشكر عندهم: اجتناب المستخبثات العقلية، والإتيان بالمستحبات العقلية. "نهاية السول ١/ ١٥٠".
٨ في ض: معناها.
٩ ساقطة من ز ع ب ض.

<<  <  ج: ص:  >  >>