للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقْوَاهَا} ١، أَيْ عَرَّفَهَا بِالإِيقَاعِ فِي الْقَلْبِ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ} ٢ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاك النَّاسُ وَأَفْتَوْك" ٣، فَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ قَلْبِهِ بِلا حُجَّةٍ أَوْلَى مِنْ الْفَتْوَى٤.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ٥ خَيَالٌ لا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ إلاَّ عِنْدَ فَقْدِ الْحُجَجِ كُلِّهَا، وَلا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الإِيقَاعَ فِي الْقَلْبِ بِلا دَلِيلٍ، بَلْ الْهِدَايَةُ إلَى الْحَقِّ بِالدَّلِيلِ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ٦ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:


١ الآيتان ٧-٨ من الشمس.
٢ الآية ١٢٥ من الأنعام.
٣ رواه الإمام أحمد بروايات كثيرة، والترمذي والدارمي والطبراني وأبو نعيم وأبو يعلى، عن وابصة، بألفاظ مختلفة، قال الهيثمي: رجاله ثقات، وأوله: "البر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ... " "انظر: تخريج أحاديث أصول البزدوي ص١٦٠، كشف الخفا ١/١٢٤، فيض القدير ٣/ ٢١٨، مسند أحمد ٤/ ١٨٢، ٢٢٨، جامع العلوم والحكم ص٢٣٦ وما بعدها، سنن الترمذي مع تحفة الأحوذي ٧/ ٦٤، سنن الدارمي ٢/ ٢٤٦".
٤ قال المناوي: وذلك لأن على قلب المؤمن نوراً يتقيد، فإذا ورد عليه الحق التقى هو ونور القلب فامتزجا وائتلفا، فاطمأن القلب وهش، وإذا ورد عليه الباطل نفر نور القلب ولم يمازجه، فاضطرب القلب. "فيض القدير ٣/ ٢١٨" وانظر: فتاوي ابن تيمية ١٠/ ٤٧٩، ١٣/ ٦٨.
٥ في ز: هو.
٦ هو الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، أبو الحسن القرشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأول الناس إسلاماً، ولد قبل البعثة بعشر سنوات، وربي في حجر رسول الله، شهد جميع المشاهد إلا تبوك، استخلفه الرسول صلى الله عيله وسلم وقال له: "وأما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة"، وكان اللواء بيده في معظم الغزوات، اشتهر بالفروسية والشجاعة والقضاء، وكان عالماً بالقرآن والفرائض والأحكام واللغة والشعر، تزوج فاطمة الزهراء. وكان من أهل الشورى، وبايع عثمان رضي الله عنهما، فلما قتل عثمان بايعه الناس سنة ٣٥هـ، واستشهد في رمضان سنة ٤٠هـ. مناقبه كثيرة. "انظر: الإصابة ٢/ ٥٠٧، الاستعاب ٣/ ٢٦، صفة الصفوة ١/ ٣٠٨، أسد الغابة ٤/ ٩١، تاريخ الخلفاء ص ١٦٦، تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٣٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>