للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ: مَا لا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ. كَإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ وَنَحْوِهَا، فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ تَبَايُنَ النَّوْعَيْنِ١.

"وَهُمَا" أَيْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ "مُهِمٌّ" أَيْ. أَمْرٌ يُهْتَمُّ بِهِ، "يُقْصَدُ" مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ "حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ٢" فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ نَحْوُ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ.

وَقَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ - إلَخْ٣" مُخْرِجٌ٤ لِفَرْضِ الْعَيْنِ وَسُنَّةِ الْعَيْنِ، لأَنَّ مَا مِنْ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ إلاَّ٥ وَيَنْظُرُ فِيهِ الْفَاعِلُ، حَتَّى يُثَابَ عَلَى وَاجِبِهِ وَمَنْدُوبِهِ، وَيُعَاقَبَ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ - إنْ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ-. وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي كَوْنِ الْمَطْلُوبِ عَيْنًا يُخْتَبَرُ بِهِ الْفَاعِلُ وَيُمْتَحَنُ، لِيُثَابَ أَوْ يُعَاقَبَ. وَالْمَطْلُوبُ عَلَى الْكِفَايَةِ يُقْصَدُ حُصُولُهُ قَصْدًا ذَاتِيًّا، وَقَصْدُ الْفَاعِلِ فِيهِ تَبَعٌ٦ لا ذَاتِيٌّ٧.

"وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ" وَاجِبٌ "عَلَى الْجَمِيعِ" عِنْدَ الْجُمْهُورِ٨. قَالَ الإِمَامُ


١ انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص١٨٦، الفروق ١/ ١١٦، شرح تنقيح الفصول ص١٥٧.
٢ المقصود في فرض الكفاية إيقاعُ الفعل مع قطع النظر عن الفاعل. "انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص١٨٦، المحلي على جمع الجوامع ١/ ١٨٣، تيسير التحرير ٢/ ٢١٣، الفروق ١/ ١١٧".
٣ في ز ع ب ض: بالذات إلى فاعله.
٤ في ش: جامع.
٥ ساقطة من ش.
٦ في ش: يقع.
٧ أي من غير نظر بالأصالة والأولية إلى الفاعل، وإنما المنظور إليه أولاً وبالذات هو الفعل والفاعل إنما ينظر إليه تبعاً لضرورة توقف الفعل على فاعل. "انظر حاشية البناني على جمع الجوامع ١/ ١٨٣".
٨ الواجب الكفائي يتعلق بجميع المكلفين عند الجمهور، فالقادر عليه يقوم بنفسه به، وغير القادر يحثُ غيره على القيام به، لأن الخطاب موجهٌ لكل مكلف، وأن التأثيم يتعلق بالكل عند الترك، لكنه يسقط بفعل البعض لحصول المقصود، وقال الإمام الرازي والبيضاوي والتاج السبكي: إن فرض الكفاية يتعلق بطائفة غير معينة، لأنه لو تعلق بالكل لم سقط إلا بفعل =

<<  <  ج: ص:  >  >>