للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِعَيْنِهِ، ثَبَتَ الْقُبْحُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَمْتَنِعَانِ جَمِيعًا. ١ وَلَوْ وَرَدَ ١ ذَلِكَ بِصِيغَةِ التَّخْيِيرِ٢. كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} ٣.

"وَلَوْ اشْتَبَهَ مُحَرَّمٌ بِمُبَاحٍ" كَمَيْتَةٍ بِمُذَكَّاةٍ "وَجَبَ الْكَفُّ٤. وَلا يَحْرُمُ الْمُبَاحُ" عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ؛ لأَنَّ الْمُبَاحَ لَمْ يَحْرُمْ. وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ: أَنَّهُ اشْتَبَهَ. فَمَنَعْنَا لأَجْلِ الاشْتِبَاهِ، لا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ. فَإِذَا تَبَيَّنَ الْمُحَرَّمَ زَالَ ذَلِكَ. فَوُجُوبُ الْكَفِّ ظَاهِرًا لا يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ التَّحْرِيمِ. وَلِهَذَا لَوْ أَكَلَهُمَا لَمْ يُعَاقَبْ إلاَّ عَلَى أَكْلِ مَيْتَةٍ وَاحِدَةٍ٥.

"وَفِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ"٦ كَنَوْعِ الآدَمِيِّ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً، لأَنَّهُ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، فَتُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَاتُ. وَأَمَّا السَّيِّئَاتُ: فَإِنْ تَابَ مِنْهَا غُفِرَتْ. وَكَذَا إنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلاَّ فَهُوَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ.

وَخَالَفَ٧ الْمُعْتَزِلَةُ، فَقَالُوا بِخُلُودِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فِي النَّارِ، وَلَوْ عَمِلُوا حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً.

وَهَذَا ٨ يُصَادِمُ الْقُرْآنَ ٨ وَالأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ الْوَارِدَةَ عَنْ


١ في ع: ولورود.
٢ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١١٤، المعتمد ١/ ١٨٣، المحلي على جمع الجوامع ١/ ١٨٢.
٣ الآية ٢٤ من سورة الإنسان.
٤ أي حرمتا، إحداهما بالأصالة، والأخرى بعارض الاشتباه. "انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص٦١، مختصر الطوفي ص٢٤، الروضة ص٢٠، نهاية السول ١/ ١٠٦، ١٢٩، جمع الجوامع وحاشية البناني عليه ١/ ١٩٧، ٢٢١".
٥ انظر أمثلة أخرى في "القواعد والفوائد الأصولية ص٩٤-١٠٤، المستصفى ١/ ٧٢".
٦ أي يجمتع في الشخص الواحد، ويصدر منه ما يوجب الثواب والعقاب، كما يجتمع ذلك من شخصين من بني آدم. "انظر: الإرشاد للجويني ص٣٩٢، الأربعين ص٢٩٣ وما بعدها".
٧ في ش: وخالفت.
٨ في ز ب: مصادم للقرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>