للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَعْصُومِ الَّذِي لا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى فِي الشَّفَاعَةِ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ النَّارِ وَدُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ١.

"وَالْفِعْلُ الْوَاحِدُ بِالنَّوْعِ" كَالسُّجُودِ مَثَلاً "مِنْهُ وَاجِبٌ وَ" مِنْهُ "حَرَامٌ٢، كَسُجُودٍ لِلَّهِ" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى "وَ" سُجُودٍ "لِغَيْرِهِ" كَالصَّنَمِ٣، لِتَغَايُرِهِمَا٤ بِالشَّخْصِيَّةِ، فَلا اسْتِلْزَامَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الأَئِمَّةِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنَّ السُّجُودَ نَوْعٌ مِنْ الأَفْعَالِ ذُو أَشْخَاصٍ كَثِيرَةٍ. فَيَجُوزُ أَنْ يَنْقَسِمَ إلَى وَاجِبٍ وَحَرَامٍ. فَيَكُونَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ وَاجِبًا، كَالسُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَبَعْضُهَا حَرَامٌ، كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ٥. وَلا امْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ الْمَجْدُ فِي "الْمُسَوَّدَةِ": "السُّجُودُ بَيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ مَعَ قَصْدِ التَّقَرُّبِ


١ روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن حبان والحاكم وابن ماجة عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". والإضافة بمعنى أل العهدية أي الشفاعة التي وعدني الله بها لأهل الكبائر الذين استوجبوا النار بذنوبهم الكبيرة. "انظر: فيض القدير ٤/ ١٦٢، سنن أبي داود ٤/ ٣٢٥، تحفة الأحوذي ٧/ ١٢٧، سنن ابن ماجة ٢/ ١٤٤١، مسند أحمد ٣/ ٢١٣، المستدرك ١/ ٦٩".
٢ هذا الكلام متفرع عن قوله: "الحرام ضد الواجب"، قال ابن قدامة: الحرام ضد الواجب، فيستحيل أن يكون الشيء الواحد واجباً وحراماً، طاعة معصية من وجه واحد، إلا أن الواحد بالجنس ينقسم إلى واحد بالنوع، وإلى واحد بالعين أي بالعدد، والواحد بالنوع يجوز أن ينقسم إلى واجب وحرام، ويكون أنقسامه بالإضافة، لأن اختلاف الإضافات والصفات يوجب المغايرة، والمغايرة تكون تارة بالنوع كالسجود، وتارة بالوصف. "الروضة ص٢٣، المستصفى ١/ ٧٦، وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص٦٣، فواتح الرحموت ١/ ١٠٤".
٣ في ز ب: كللصنم.
٤ في ز: المتغاير هنا.
٥ استدل أهل السنة بقوله تعالى: {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} الآية ٣٧ من فصلت، "وانظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١١٥، المستصفى ١/ ٧٦، شرح العضد ٢/ ٢، المسودة ص٨٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>