للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وَلا" يُكَلَّفُ "مَعْدُومٌ حَالَ عُدْمِهِ" إجْمَاعًا "وَيَعُمُّهُ الْخِطَابُ إذَا كُلِّفَ كَغَيْرِهِ" أَيْ كَغَيْرِ الْمَعْدُومِ مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ، وَلا يَحْتَاجُ إلَى خِطَابٍ آخَرَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَحُكِيَ عَنْ الأَشْعَرِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ. وَحَكَاهُ الآمِدِيُّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ١.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ. وَنُسِبَ لِلْمُعْتَزِلَةِ وَجَمْعٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْمَعْدُومَ لا يَعُمُّهُ الْخِطَابُ مُطْلَقًا٢.

وَاسْتَدَلَّ لِلْقَوْلِ الأَوَّلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ٣، قَالَ السَّلَفُ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَقَدْ أُنْذِرَ بِإِنْذَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ٤.

وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إذَا امْتَنَعَ خِطَابُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَالْمَعْدُومُ أَجْدَرُ: ضَعِيفٌ، لأَنَّهُ فَهِمَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ تَنْجِيزَ٥ التَّكْلِيفِ وَلَمْ يَعْلَمْ التَّعْلِيقَ. وَأَنَّ حُكْمَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَحُكْمِ الْمَعْدُومِ٦.


١ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١٥٣، فوتح الرحموت ١/ ١٤٧، نهاية السول ١/ ١٦٥، مناهج العقول ١/ ١٦٥، العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٥، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه ١/ ٧٧، المستصفى ١/ ٨٥، تيسير التحرير ٢/ ١٣١، ٢٣٩، المسودة ص٤٤، إرشاد الفحول ص١١، منهاج السنة ٢/ ٨١.
٢ انظر: أصول السرخسي ٢/ ٣٣٤، فوتح الرحموت ١/ ١٤٦، تيسير التحرير ٢/ ١٣١، نهاية السول ١/ ١٦٧، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني ١/ ٧٨.
٣ الآية ١٩ من الأنعام.
٤ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١٥٣، تفسير ابن كثير ٣/ ١٢، تفسير القرطبي ٦/ ٣٩٩، تفسير الخازن ٢/ ١٠٢.
٥ في ع: بتخير.
٦ إن هذا الاختلاف ثابت بالنسبة للصبي والمجنون بتقدير فهمه، بل أولى، من حيث إن المشترط في حقه الفهم فقط، وفي حق المعدوم الوجود والفهم "انظر: الإحكام، الآمدمي ١/ ١٥٣، تيسير التحرير ٢/ ١٣١، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني وتقريرات الشربيني ١/ ٧٧، المستصفى ١/ ٨٥، فواتح الرحموت ١/ ١٤٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>