للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: لا يَكُونُ الْكَذِبُ إلاَّ فِي مَاضٍ. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَهُوَ قَوْلٌ مَشْهُورٌ، بَلْ هُوَ الْمَفْهُومُ عَنْ الشَّافِعِيِّ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ يَقْبَلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ. فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ كَالْوَعْدِ. كَانَ إنْشَاءً. وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ. اهـ.

"وَمَوْرِدُهُمَا" أَيْ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ "النِّسْبَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا" الْخَبَرُ بِإِيقَاعِ الْمُخْبِرِ١. "وَمِنْهُ" أَيْ وَمِنْ الْخَبَرِ مَا هُوَ "مَعْلُومٌ صِدْقُهُ" وَهُوَ أَنْوَاعٌ.

أَحَدُهَا: مَا يَكُونُ عِلْمُ صِدْقِهِ ضَرُورِيًّا بِنَفْسِ الْخَبَرِ بِتَكَرُّرِ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ، كَالْخَبَرِ الَّذِي ٢بَلَغَتْ رُوَاتُه٢ حَدَّ التَّوَاتُرِ، لَفْظِيًّا كَانَ أَوْ مَعْنَوِيًّا٣.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَكُونُ ضَرُورِيًّا بِغَيْرِ نَفْسِ الْخَبَرِ، لِكَوْنِهِ٤ مُوَافِقًا لِلضَّرُورِيِّ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مُتَعَلَّقُهُ مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ كَسْبٍ وَتَكَرُّرٍ.


١ أي إن مورد الصدق والكذب في الخبر هي مجرد النسبة التي تضمنها الخبر فقط دون غيرها، مثال: "قام زيد بن عمرو"، فإن مورد الصدق والكذب في القيام فقط، ولاتشمل بنوته لعمرو، إذ لم يقصد بالخبر الإخبار بالبنوة، وهذا ما يسمى في القضاء، بالحكم الضمني، وقد قال به أكثر الفقهاء إذا كان المشهود عليه غائباً.
"انظر: غاية الوصول ص ٩٤، نظرية الدعوى ٢/ ٢٠٦، ٢٢٢، المحلي على جمع الجوامع ٢/ ١١٥ وما بعدها".
٢ في ش: بلغ رواته. وفي د ض: بلغت روايته.
٣ انظر: الإحكام للآمدي ٢/ ١٢، المستصفى ١/ ١٤٠، نهاية السول ٢/ ٢٦١، ٢٦٢، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٥١، الكفاية للخطيب البغدادي ص ١٧، المعتمد ٢/ ٥٤٧، فواتح الرحموت ٢/ ١٠٩، تيسير التحرير ٣/ ٢٩، إرشاد الفحول ص ٤٥.
٤ في ع ض: بل بكونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>