للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسمى الجسم والعرض والجوهر والتحيز وحلول الحوادث وأمثال ذلك، فإن هذه الألفاظ يدخلون في مسماها الذي ينفونه أموراً مما وصف به نفسه، ووصفه بها رسوله فيدخلون فيها نفى العلم والقدرة والكلام إلى غير ذلك من الصفات بدعوى أن ذلك لا تكون إلا لمتحيز في جهة وهو جسم"١ أ. هـ.

فكلام شيخ الإسلام يستفاد منه أن قول المتكلمين في اسمه ـ تعالى ـ "الواحد" أنه الذي لا ينقسم ولا يتجزأ قول مبتدع مخترع لم يقل به أحد من السلف.

وأما صفة "القهر" فقد دل على ثبوتها ـ للباري جل وعلا ـ اسمه ـ تعالى ـ "القهار".

قال في القاموس: "القهر" الغلبة "والقهار" من صفاته تعالى. أ. هـ٢.

وجاء في المفردات لغريب القرآن: "القهر الغلبة والتذليل معاً ويستعمل في كل منهما"٣.

وقال ابن الأثير: "القاهر الغالب على جميع الخلائق قهره يقهره فهو قاهر وقهار للمبالغة" أ. هـ٤.

فمن هذه النصوص اللغوية ندرك معنى اسمه ـ تعالى ـ "القهار" ومعناه الذي يغلب على كل شيء، ويبسط سلطانه على كل مخلوق، ولا يمتنع عليه ما يريده، ولا يفلت من قبضته جبار تمرد على جبروته، ولا متكبر نازعه رداء كبريائه بل هو ـ سبحانه ـ آخذ بنواصي عباده فمن تمرد عليه قصمه وأذله، ومن خالف أمره أخذه نكال الآخرة والأولى، وجعله عبرة ومثلاً لغيره، وبسط ـ سبحانه ـ سلطانه على كل الكائنات فاستجابت لأمره وخضعت لحكمته، وسارت على النهج الذي رسمه لها.

فجميع الموجودات خاضعة لسلطانه ـ سبحانه ـ مذعنة لمشيئته مقهورة لإرادته.

قال تعالى: {وَللهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} ٥.


١- درء تعارض العقل والنقل: ١/٢٢٨.
٢- ٢/١٢٨.
٣- ص٤١٤.
٤- النهاية في غريب الحديث والأثر ٤/١٢٩.
٥- سورة النحل، آية: ٤٩ ـ ٥٠.

<<  <   >  >>