لقد دلت سورة "الزمر" على مراتب القدر الأربع التي من لم يؤمن بها لم يتحقق له الإيمان بالقضاء والقدر، وتلك المراتب هي: علم ـ الرب سبحانه ـ بالأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل كونها، ومشيئته لها، وخلقه ـ سبحانه ـ الأعمال وتكوينه وإيجاده لها، كما تحدثت عن الهداية والضلال اللذين هما لب القدر وسنبين تلك المراتب كلاً منها على حدة، كما سنتحدث عن بيان الهداية والضلال وبذلك نختم الكلام على القدر.
١ ـ مرتبة العلم:
لقد دلت سورة "الزمر" على إثبات علم الرب ـ سبحانه ـ بالأشياء قبل كونها وأنه علم ما الخلق عاملون به بعلمه القديم الموصوف به أزلاً وأبداً، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال كل ذلك سبق به علم الله ـ جل وعلا ـ قال تعالى:{ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور} .
وقال تعالى:{وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} .
هذه الآيات الأربع من السورة دلت على أن الله ـ تعالى ـ عالم بما يعمله العباد بعلمه القديم الذي اتصف به أزلاً وأبداً فلا يخفى عليه من أعمالهم شيء، وأنه قد علم منهم الشقي والسعيد، ومن هو منهم من أهل الجنة، ومن هو من أهل النار،