للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: عناية القرآن بإثبات البعث]

لقد سلك القرآن الكريم في استدلاله على إمكان البعث بعد الموت وتحقق وقوعه مسلكاً قويماً جمع بين ما فطرت عليه النفوس من الإيمان بما تشاهد وتحس، وبين ما تقرره العقول السليمة، ولا يتنافى مع الفطر المستقيمة، وتلك طريقة تفرد بها القرآن الكريم.

وكان منهج القرآن الكريم في استدلاله على البعث كما يلي:

أولاً: الاستدلال على البعث بمن أماتهم الله ثم أحياهم. كما أخبر تعالى عن ذلك ومنهم:

١ ـ قوم موسى. قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ١.

وقيل: إن الذين أخذتهم الصاعقة هم السبعون الذين اختارهم موسى ذلك أنهم لما أسمعهم كلام الله ـ تعالى ـ قالوا له بعد ذلك {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} والإيمان بالأنبياء واجب بعد ظهور معجزاتهم. فأرسل الله إليهم ناراً من السماء فأحرقتهم ثم دعا موسى ربه فأحياهم كما قال تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} ٢.

٢ ـ المضروب بعضو من أعضاء البقرة كما قال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ٣. قيل: أن المقتول ضرب بعضو من أعضاء تلك البقرة التي أمرهم الله


١- سورة البقرة آية: ٥٥ ـ ٥٦.
٢- الجامع لأحكام القرآن ١/٤٠٣.
٣- سورة البقرة آية: ٧٢ ـ ٧٣.

<<  <   >  >>