للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث عشر: إثبات صفة اليدين]

لقد دلت السورة على أن لله ـ تعالى ـ يدين حقيقتين وهما من صفات الكمال التي اتصف بها ـ سبحانه ـ وقد جاء في السورة الإشارة إلى صفة اليدين في آية واحدة منها: ـ

قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .

هذه الآية من السورة بدأت بنعي حال المشركين الذين لم يعظموا الله حق التعظيم اللائق به ـ سبحانه وتعالى ـ حيث عبدوا معه غيره وأشركوه معه في العبادة ثم بينت بأن الأرض كلها قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، ومذهب سلفنا الصالح إثبات القبضة واليمين كما وردت بلا تكييف، ولا تأويل، ولا تحريف، فيجب الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه مع القطع بأنه وصف يليق بجلاله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١.

قال العلامة ابن كثير: "يقول تبارك وتعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي ما قدَّر هؤلاء المشركون الله حق قدره حين عبدوا معه غيره وهو العظيم الذي لا أعظم منه القادر على كل شيء المالك لكل شيء وكل شيء تحت قدره وقدرته ... إلى أن قال: "وقد وردت أحاديث كثيرة متعلقة بهذه الآية الكريمة، والطريق فيها وفي أمثالها مذهب السلف، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تحريف"اهـ٢.

وقد روى الإمام البخاري بإسناده عند هذه الآية إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه


١- سورة الشورى آية: ١١.
٢- تفسير القرآن العظيم ٦/١٠٦ ـ ١٠٧.

<<  <   >  >>