لقد ذكر الله في سورة "الزمر" الكثير من دلائل توحيد الربوبية فقد بين أنه تعالى الخالق للسموات والأرض وما بينهما، وأنه ـ سبحانه ـ هو الذي جعل الليل والنهار يتعاقبان بحيث إذا ذهب هذا خلفه الآخر، وهو الذي سخر الشمس والقمر لتهيئة مصالح العباد ومنافعهم، وهو الذي خلق بني آدم من نفس واحدة وهو آدم عليه السلام، وهو الذي خلق لهم الأزواج الثمانية من الأنعام التي تعتبر أكثر الحيوانات نفعاً لبني الإنسان، وهو الذي يرعاهم بلطفه وعنايته وهم في الأرحام في ظلمات ثلاث وهو الذي ينزل المطر من السماء وينبت النبات، وهو ـ سبحانه ـ المتصرف في شؤون خلقه بالإحياء والإماتة واليقظة والنوم، وبسطه ـ تعالى ـ الرزق لمن يشاء وتضييقه على من يشاء، ثم بينت السورة في ختام تلك الدلائل أن مقاليد السموات والأرض بيده ـ سبحانه ـ تلك هي دلائل توحيد الربوبية في السورة وسأتحدث عن كل واحد منها بحديث خاص حتى يتبين وجه دلالتها على ربوبية الخالق وأنه ـ سبحانه ـ المستحق للعبادة وحده لا شريك له. وإلى بيان تلك الأدلة مرتبة:
١ ـ خلق السموات والأرض:
لقد دلت السورة على أن خلق السموات والأرض من أعظم الآيات الدالة على ربوبيته ـ تعالى ـ والتعرف عليه ـ سبحانه ـ في آيتين منها: قال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِ ... } الآية. وقال تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون} .
إن خلق السموات والأرض وإبداعهما على هذه الصورة من أعظم الآيات الدالة على ربوبية الله، والتعرف عليه ـ سبحانه ـ فقد أوضح الحق ـ سبحانه ـ بقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ