[المبحث الثامن: وجوب الإيمان بالعرش، وهو سقف الجنة]
لقد دلت السورة على وجوب الإيمان بالعرش، وهو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها، وهو أعظم المخلوقات، خلقه ـ الرب جل وعلا ـ قبل أن يخلق السموات والأرض، واختصه بالعلو والارتفاع، ثم استوى عليه.
وقد جاء ذكر العرش في آخر آية من سورة "الزمر" وذلك في قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
فهذه الآية من السورة أوضحت لنا مشهداً رائعاً لعباد الله المكرمين وهم محدقون حول هذا المخلوق العظيم ـ العرش ـ يسبحون بحمد ربهم، ويعظمونه وينزهونه عن النقائص ويثنون عليه الثناء الطيب الذي يليق بجلاله وعظيم سلطانه، فإذا ما تم القضاء بين الخلائق بالعدل، والقول الفصل على أتم وجه وأكمله، نطق كله بالثناء والتحميد لله الحكم العدل الذي لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى {وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
قال العلامة ابن القيم:"فحذف فاعل القول، لأنه غير معين بل كل أحد يحمده على ذلك الحكم الذي حكم به، فيحمده أهل السموات، وأهل الأرض، الأبرار والفجار، والإنس والجن، حتى أهل النار".
قال الحسن وغيره: "لقد دخلوا النار، وإن حمده لفي قلوبهم، وما وجدوا لهم عليه سبيلاً، وهذا ـ والله أعلم ـ هو السر الذي حذف لأجله الفاعل في قوله: {قِيلَ ادْخُلُوا