للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقدسة، وحقيقته أنه غني حميد، فالفقر المطلق من كل وجه ثابت لذواتهم وحقائقهم من حيث هي فيستحيل أن يكون العبد إلا فقيراً، ويستحيل أن يكون الرب ـ سبحانه ـ إلا غنياً كما أنه يستحيل أن يكون العبد إلا عبداً ويستحيل أن يكون الرب إلا رباً" أ. هـ١.

وأما الأحاديث الدالة على أن الله متصف بصفة الغنى فكثيرة جداً.

منها: حديث أبي ذر رضي الله ـ تعالى ـ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ـ ربه ـ قال تعالى: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم، اجتمعوا على أتقى قلب عبد من عبادي ما زاد ذلك في ملكي جناح بعوضة، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"٢.ومنها حديث: عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه. قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله ـ عز وجل ـ ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله ـ عز وجل ـ أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم" ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ... لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله


١- طريق الهجرتين ص٦ ـ ٧.
٢- رواه مسلم في صحيحه ٤/١٩٩٤ ـ ١٩٩٥.

<<  <   >  >>