للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن قبل الصابوني قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي١ مقرراً عقيدة السلف في صفات الله ـ تعالى ـ:

"الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

{عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} ٢.

يعلم سر خلقه وجهرهم ويعلم ما يكسبون، نحمده بجميع محامده، ونصفه بما وصف به نفسه ووصف به الرسول فهو الله، الرحمن الرحيم قريب مجيب مريد {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} ٣ الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء له الأمر من قبل ومن بعد و {لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٤ {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ٥ يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، يقبض ويبسط ويتكلم ويرضى، ويسخط ويغضب، ويحب ويبغض، ويكره ويضحك، ويأمر وينهى. ذو الوجه الكريم، والسمع السميع والبصر البصير، والكلام المبين، واليدين والقبضتين، والقدرة والسلطان والعظمة والعلم الأزلي، لم يزل كذلك ولا يزال، استوى على عرشه فبان من خلقه لا تخفى عليه منهم خافية علمه بهم محيط وبصره بهم نافذ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ٦.

فبهذا الرب نؤمن وإياه نعبد وله نصلي ونسجد فمن قصد بعبادته إلى إله بخلاف هذه الصفات فإنما يعبد غير الله وليس معبوده بإله كفرانه لا غفرانه" أ. هـ٧.

هذا هو منهج السلف في تعرفهم على ربهم وهو معرفته لهم عن طريق معرفة أسمائه وصفاته التي أتصف بها كما نطق بها كتابه الكريم ونطقت بها سنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، يدعونه ـ تعالى ـ بها ويتعبدونه بذكرها.


١- هو: أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد الدارمي الشافعي السجستاني الهروي. ولد سنة مائتين وتوفي سنة ثمانين ومائتين هجرية، وهو أحد الأعلام الثقات من أئمة الحديث والفقه، وكان شديد الرد على المحرفين للعقيدة الإسلامية. انظر ترجمته في: "تذكرة الحفاظ ٢/٦٢١، الأعلام ٤/٢٠٥".
٢- سورة سبأ، آية: ٣.
٣- سورة البروج، آية: ١٦.
٤- سورة الأعراف، آية: ٥٤.
٥- سورة طه، آية: ٨.
٦- سورة الشورى، آية: ١١.
٧- الرد على الجهمية ص٣ ـ ٤.

<<  <   >  >>