للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإسنادهما إلى عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني قال: " إن شئت أخرت ذاك فهو خير" وفي رواية "وإن شئت صبرت فهو خير لك" فقال: ادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي، اللهم فشفعه فيَّ وشفعني فيه ... " الحديث.

قال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي١.

هذا الحديث ضعفه بعض العلماء بحجة أن في إسناده أبا جعفر.

قال الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وليس الخطمي"٢ فظنوا أنه أبو جعفر الرازي، ودرجة الرازي صدوق ولكنه سيء الحفظ"٣.

والصواب أنه: "أنه أبو جعفر الخطمي حيث أن الإمام أحمد نسبه في إحدى روايات الحديث بأنه الخطمي، ونسبه في أخرى فقال: المدني"٤.

فالحديث صحيح، وإنما الكلام في الزيادة التي تنسب إلى عثمان بن حنيف مع الرجل في زمن خلافة عثمان وسيأتي الكلام عليها قريباً.

فلقد تعلق القبوريون بقوله: "يا محمد إني توجهت بك إلى ربي".

وقالوا: لو أن دعاء غير الله شرك لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء الذي فيه المناداة لغير الله.

والجواب: أن يقال إن شبهتكم هذه باطلة من وجوه:

الوجه الأول: أن الضرير كان مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأجل أن يدعو له بدليل قوله في الحديث: "ادع الله أن يعافيني" فيجب أن تفهم هذه الفقرة أولاً، وقبل كل شيء حتى يعرف الفرق بين طلب الضرير من النبي صلى الله عليه وسلم، وتوجهه بدعائه مع حضوره، وبين دعاء الجهلة للأموات، والسجود لهم ولأضرحتهم، والتوكل عليهم واللجوء إليهم في الشدائد


١- المسند ٤/١٣٨، والمستدرك ١/١٩، الترمذي ٥/٢٢٩، ابن ماجة ١/٤١٨.
٢- سنن الترمذي ٥/٢٢٩.
٣- انظر التقريب ٢/٤٠٦.
٤- المسند ٤/١٣٨.

<<  <   >  >>