للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبر تعالى بأنه أنزل الكتاب الذي هو القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم من عنده بالحق الذي لا مرية فيه ولا شك.

وأما الآية الثالثة فهي قوله تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ... } الآية فقد دلت على علو الله ـ تعالى ـ لأن التنزيل يكون من أعلى إلى أسفل كما تضمنت وصف القرآن المنزل من عنده ـ تعالى ـ بثلاثة صفات هي: كونه متشابهاً أي: يشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة ويصدق بعضه بعضاً في المعنى ويماثله وكونه "مثاني" حيث ثنى الله فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام.

قال قتادة١ "ثنى الله فيه الفرائض والقضاء والحدود"٢.

وكونه تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم أي: تقشعر منه جلود الأبرار الذين يخشون ربهم لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد.

وأما الآية الرابعة فهي قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ... } الآية.

فقد بين تعالى بأنه أنزل كتابه على رسوله من عنده ـ تعالى ـ فالآية دلت على علوه ـ تعالى ـ كما دلت أيضاً: أنه ـ تعالى ـ أنزل هذا الكتاب لجميع الخلق من الجن والإنس لينذرهم به، وأن من اهتدى منهم فإنما يعود نفع ذلك إلى نفسه، ومن ضل فإنما يعود وبال ضلاله عليه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بموكل على هدايتهم، وإنما هو نذير عليه البلاغ، وعلى الله الحساب.

وأما الآية الخامسة: وهي قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ... } الآية.

فقد تضمنت أمراً من الله ـ جل وعلا ـ لجميع عباده بأن يتبعوا ما أمرهم به ـ تعالى ـ في كتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلك دليل على علوه ـ سبحانه ـ.


١- هو: قتادة بن دعامة السدوسي من أئمة التفسير، كان من أحفظ أهل البصرة. ولد سنة إحدى وستين، وتوفي سنة ثماني عشرة ومائة هجرية. أنظر ترجمته في: "تذكرة الحفاظ" ١/١٢٢ وما بعدها، "اللباب في تهذيب الأنساب" ٢/١٠٨، التهذيب ٨/٣٥١.
٢- جامع البيان ٢٣/٢١٠.

<<  <   >  >>