مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} ١.
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ} ٢.
وقال تعالى مخاطباً نبيه عليه الصلاة والسلام وأمته تبع له في ذلك: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} ٣.
فقوله {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} في إعرابها وجهان:
الوجه الأول: إما أن تكون منصوبة على الحال من الضمير المستتر في قوله {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} إذ الخطاب له ولأمته أي أقم وجهك أنت وأمتك منيبين إليه ومثل هذا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} ٤.
الوجه الثاني: أن تكون حالاً من المفعول في قوله تعالى: {فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي فطرهم منيبين إليه فلو تركوا وفطرهم لما حادت عن الإنابة ولكنها تنحرف وتتغير كما فطرت نتيجة للمؤثرات الخارجية. قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه" ٥.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "قال الله تعالى خلقت عبادي حنفاء كلهم وأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" ٦. وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكراً وإما كفوراً" ٧.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فالنفس إذا تركت كانت مقرة لله
١- سورة ق آية: ٦ ـ ٨.
٢- سورة غافر آية: ١٣.
٣- سورة الروم آية: ٣٠، ٣١.
٤- سورة الطلاق آية: ١.
٥- رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ج١/٢٤٠، صحيح مسلم ٤/٢٠٤٧.
٦- رواه مسلم من حديث عياض بن حمار المجاشعي: ٤/٢١٩٧.
٧- رواه أحمد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ٣/٣٥٣.