للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه فإن الحسب والكفاية لله ـ وحده ـ كالتوكل والتقوى والعبادة قال تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} ١.

ففرق بين الحسب والتأييد فجعل الحسب له وحده وجعل التأييد له بنصره وبعباده، وأثنى على أهل التوحيد من عباده حيث أفروده بالحسب فقال تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ٢.

ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله فإذا كان هذا قولهم ومدح الرب ـ تعالى ـ لهم بذلك فكيف يقوله لرسوله: الله وأتباعك حسبك؟ وأتباعه قد أفردوه بالحسب ولم يشركوا بينه وبين رسوله صلى الله عليه وسلم هذا من أمحل المحال وأبطل الباطل، ونظير هذا قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ} ٣.

وتأمل كيف جعل الإيتاء لله ولرسوله كما قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} ٤ وجعل الحسب وحده فلم يقل: وقالوا حسبنا الله ورسوله بل جعله خالص حقه كما قال تعالى: {إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ} ٥ ولم يقل وإلى رسوله بل جعل الرغبة إليه ـ وحده ـ كما قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} ٦ فالرغبة، والتوكل والإنابة، والحسب لله ـ وحده ـ كما أن العبادة والتقوى والسجود لله ـ وحده ـ والنذر والحلف لا يكون إلا له ـ سبحانه وتعالى ـ"أ. هـ٧.

أقسام التوكل على الله ـ تعالى ـ:

التوكل على الله ـ تعالى ـ نوعان:

أحدهما: توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية. وهذا النوع وإن لم تكن غايته المطلوبة عبادة لأنها محض حق العبد إلا أن التوكل على الله في حصولها عبادة لأن العبد أنشأها لمصلحة دينه ودنياه.


١- سورة الأنفال آية: ٦٢.
٢- سورة آل عمران آية: ١٧٣.
٣- سورة التوبة آية: ٥٩.
٤- سورة الحشر آية: ٧.
٥- سورة التوبة آية: ٥٩.
٦- سورة الانشراح آية: ٧ ـ ٨.
٧- زاد المعاد ١/١٦ ـ ١٧.

<<  <   >  >>