للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ} يعني المشركين كانوا يعترفون بأن الله ـ عز وجل ـ هو الخالق للأشياء كلها ومع هذا يعبدون معه غيره مما لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً. اهـ١.

فوجود الرب ـ سبحانه ـ وتعالى من الأمور البدهية الظاهرة للعقول والفطر ولو وجد بعض الملاحدة الذين يجاهرون بإنكار وجود ـ الرب سبحانه ـ بألسنتهم فذلك نتيجة العناد، وإلا فإنه متقرر في فطرهم وعقولهم ما يكذب قولهم ذلك.

قال العلامة ابن القيم: "وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية ـ قدس الله روحه ـ يقول: كيف يطالب الدليل على من هو دليل على كل شيء وكان كثيراً مَّا يتمثل بهذا البيت:

وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

ثم قال: "ومعلوم أن وجود الرب تعالى أظهر للعقول والفطر من وجود النهار، ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتهمهما" اهـ٢.

وأما قوله تعالى في الآية: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} فهذا الشطر من الآية أمر الله فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يسأل هؤلاء المشركين عن معبوداتهم المتنوعة من الأوثان والأصنام التي يتوجهون إليها بالعبادة دون الله تعالى هل لديها القدرة في الحيلولة دون مراد الله تعالى؟ وهل في استطاعتها أن تدفع عنه البلاء إن أراد الله إنزاله؟ وهل في إمكانها أن تمنع عنه رحمة الله تعالى التي يريد أن يتفضل بها عليه فيمنحه إياها؟ ولو أنصفوا من أنفسهم وتجردوا لقول الحق لكان ردهم كلا لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما يريده ـ سبحانه ـ وقد أجاب البعض منهم بأن آلهتهم المزعومة لا تستطيع شيئاً من ذلك وإنما يعبدونها لتقربهم إليه زلفى.

قال مقاتل: فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فسكتوا.


١- تفسير ابن كثير ٦/٩٤.
٢- مدارج السالكين ١/٦٠.

<<  <   >  >>