للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: "فهؤلاء جعلوا المخلوق مثلاً للخالق فالند: الشبه يقال: فلان ند فلان وند يده أي مثله وشبهه ... فالذي أنكره الله ـ سبحانه ـ عليهم هو تشبيه المخلوق به حتى جعلوه نداً لله ـ تعالى ـ يعبدونه كما يعبدون الله"اهـ١.

وأما اتخاذ العدلاء، بمعنى: جعلهم شركاء لله في العبادة فقد بين ـ تعالى ـ بأن ذلك فعل المشركين.

قال تعالى: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ٢ وقال مجاهد "يعدلون" يشركون وقال محمد بن جرير الطبري: "يجعلون شريكاً في عبادتهم إياه فيعبدون معه الآلهة والأنداد، والأصنام، والأوثان وليس منها شيء شاركه في خلق شيء من ذلك ولا في إنعامه عليهم بما أنعم عليهم، بل هو المفرد بذلك كله وهم يشركون في عبادتهم إياه غيره"٣.

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن اتخاذ الند من أعظم الذنوب والآثام لما روي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك ... "الحديث ٤.

قال ابن الأثير: "الأنداد جمع ند بالكسر وهو مثل الشيء الذي يضاده في أموره ويناده: أي يخالفه ويريد بها ما كانوا يتخذونه آلهة من دون الله" اهـ٥. ولقد بعث الله نبي الهدى صلى الله عليه وسلم لخلع جميع الأنداد التي كانت تعبد من دون الله ـ تعالى ـ وقد كان المشركين يتنافسون فيها وكانت تمثل كثرة هائلة حتى أنه أصبح لكل مشرك في الجاهلية معبود وحتى أنه كان إذا سافر أحدهم يصطحب صنمه معه وكانت حالتهم سيئة كما سنبين ذلك فنقول: لقد بين الله ـ تعالى ـ في كتابه أن المعبودات سواه كثرت وتنوعت من عبادة الأشخاص، إلى عبادة الأحجار والأخشاب، إلى عبادة الهوى إلى عبادة الأجرام السماوية إلى عبادة الملائكة وسنأتي بنبذة حول كل من هذه المذكورات.


١- إغاثة اللهفان ٢/٢٢٩.
٢- سورة الأنعام آية: ١.
٣- جامع البيان ٧/١٤٤.
٤- متفق عليه صحيح البخاري ٣/٩٨، صحيح مسلم ١/٩٠.
٥- النهاية في غريب الحديث والأثر ٥/٣٥.

<<  <   >  >>