للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ١ ولأنه مناقض للمقصود بالخلق والأمر مناف له من كل وجه وذلك غاية المعاندة لرب العالمين، والاستكبار عن طاعته والذل له والانقياد لأوامره الذي لا صلاح للعالم إلا بذلك فمتى خلا منه خرب وقامت القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله" ٢.

ولأن الشرك تشبيه للمخلوق بالخالق ـ تعالى ـ وتقدس في خصائص الإلهية من ملك الضر والنفع، والعطاء، والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأنواع العبادة كلها بالله، فمن علق ذلك لمخلوق فقد شبهه بالخالق وجعل من لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً فضلاً عن غيره شبيهاً بمن له الخلق كله وله الملك كله وبيده الخير كله وإليه يرجع الأمر كله.

فأزمة الأمور كلها بيده ـ سبحانه ـ ومرجعها إليه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن اهـ٣ كما يفهم من هذا أن المشرك لم يقدر الله حق قدره، ولم يأت بالأمر الذي خلق من أجله فهو ظالم من جهة أنه صرف الحق الذي لا يستحقه إلا الله ـ تعالى ـ للمخلوق الذي لا يستحق من ذلك شيئاً لأنه ليس أهلاً لذلك.

كما أن المشرك ظالم لنفسه حيث يشقيها بإشراكه بالله ـ تعالى ـ ويحرمها رحمة الله ويجعلها تتذلل لمخلوق من مخلوقات الله فقير إلى الله الذي له الغنى المطلق من جميع الوجوه والإعتبارات.

أعاذنا الله من الشرك كبيره وصغيره جليه وخفيه وبالله التوفيق.


١- سورة الأنعام آية: ١.
٢- رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه ١/١٣١.
٣- ص:٩١.

<<  <   >  >>