للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنكم فيها إلى الأبد لا تخرجون منها ولا تنفصلون عنها فبئس المقام الذي تبوأتموه جزاء تكبركم وتكذيبكم برسل الله وآياته ولقائه وأما مهامهم في الجنة فإنه عندما يحشر الذين اتقوا ربهم بأداء الفرائض واجتناب المعاصي فأخلصوا الدين لله وحده لا شريك له فإن الملائكة الموكلين بالجنة يحتفون بهم ويرحبون بلقائهم ويحيونهم بأطيب تحية ويذكرونهم بأطيب صفاتهم {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} .

وأما الآية الأخيرة من الآيات الأربع السابقة وهي آخر آية من السورة فهي تبين مشهداً عظيماً لعباد الله المكرمين الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وهذا المشهد هو أنهم محدقون بعرش الرحمن ينزهونه عما نسبه إليه المشركون وعما لم ينسبوه من صفات النقص، وليست هذه أعمالهم فحسب بل لهم أعمال أخرى كثيرة جداً أنيطت بهم ونذكر هنا طرفاً منها إذ يتعذر علينا حصرها هنا.

فجبريل عليه السلام: أوكل الله إليه النزول بالوحي وقد أخبرنا الله تعالى أن جبريل يكاد يختص بهذه المهمة الجليلة قال تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ١.

وجبريل هو الروح الأمين كما قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} ٢ وقد ينزل بالوحي غير جبريل إلا أن هذا ـ قليل جداً ـ.

لما رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك فقال: "أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته" ٣.

ومنهم من أوكل الله إليه القطر والنبات والأرزاق.

قال ابن كثير: "وميكائيل موكل بالقطر والنبات اللذين يخلق منهما الأرزاق في هذه الدار، وله أعوان يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه، يصرّفون الرياح والسحاب كما يشاء الرب


١- سورة البقرة آية: ٩٧.
٢- سورة الشعراء آية: ١٩٣ ـ ١٩٤.
٣- ١/٥٥٤.

<<  <   >  >>