للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ عز وجل ـ على كل مشرك متمن على الله الأماني الباطلة {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا} بحيث قلت إنها ليست من عند الله، واستكبرت عن الإيمان بها وبذلك كنت في عداد الكافرين.

قال ابن جرير الطبري: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} يقول: "قد جاءتك حججي من بين رسول أرسلته إليك وكتاب أنزلته يتلى عليك ما فيه من الوعد والوعيد والتذكير {فَكَذَّبْتَ} بآياتي {وَاسْتَكْبَرْتَ} عن قبولها واتباعها" اهـ١.

فالآية دلت على وجوب الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله ـ عز وجل ـ وحرمة الكفر بها والإعراض عن قبولها.

وأما قوله ـ تعالى ـ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ ... } الآية ففيها تأنيب وتقريع لجميع أصناف الكفار الداخلين جهنم من خزنة جهنم بقولهم: ألم تأتكم رسل منكم ومن جنسكم تفهمون عنهم وتعرفون أمرهم ويتلون عليكم آيات ربكم وهي الكتب المنزلة على رسله وحججه التي بعث بها رسله إلى أممهم؟ فيقول الكافرون مجيبين لخزنة جهنم: إن الرسل جاؤوهم وبلغوهم وحي الله، ولكنهم كذبوهم وقالوا ما نزل الله من شيء فحقت عليهم كلمة العذاب وهي حكم الله عليهم بالشقاوة وأنهم من أهل جهنم بسوء اختيارهم وشنيع فعلهم الذي فعلوه مع أنبيائهم فالسورة دلت دلالة قاطعة على وجوب الإيمان بكتب الله وتحريم تكذيبها ولا شك أن من كذب بكتب الله المنزلة على رسله وأنبيائه فإنه كافر بالله العظيم لأنه ـ تعالى ـ ربط الإيمان بالكتب بالإيمان به ـ سبحانه وتعالى ـ قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ} ٢.

قال ابن كثير: "والكتاب" وهو اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء حتى ختمت بأشرفها وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب الذي انتهى إليه كل خير واشتمل على كل سعادة في الدنيا والآخرة، ونسخ به كل ما سواه من الكتب قبله. اهـ٣.


١- جامع البيان عن تأويل آي القرآن ٢٤/٢١.
٢- سورة البقرة آية: ١٧٧.
٣- تفسير القرآن العظيم ١/٣٦٥.

<<  <   >  >>