للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يفوتنا أن نقول هنا: "إنه وإن كان الإيمان بالكتب المنزلة على الأنبياء السابقين قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واجباً إلا أنه لا يجوز الأخذ بما في أيدي اليهود والنصارى لأنهم قد حرفوا كتب الله المنزلة على أنبيائهم وذمهم الله على ذلك وتوعدهم وزجرهم"١.

ومما تقدم يتبين أن الإنسان مطالب بالإيمان بالكتب السماوية السابقة من حيث إنها نزلت من عند الله تعالى، وأن الانقياد لها والحكم بها كان فرضاً على الأمم التي نزلت إليها تلك الكتب، كما يجب الإيمان بأن تلك الكتب السماوية يصدق بعضها بعضاً كما قال تعالى في شأن الإنجيل: {وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ} ٢ كما يجب على الإنسان أن يؤمن بأن من الشرائع اللاحقة ما هو ناسخ للشرائع السابقة إما جزئياً أو كلياً.

قال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام بأنه كان من المؤمنين بالتوراة وناسخاً لبعضها: {وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} ٣.

قال ابن كثير حول هذه الآية: "فيه دلالة على أن عيسى عليه السلام نسخ بعض شريعة التوراة وهو الصحيح من القولين"٤.

وقد بين تعالى أن القرآن نسخ ما في التوراة والإنجيل، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} ٥.


١- انظر المنهاج في شعب الإيمان للحليمي ١/٣٢٢ ـ ٣٢٣.
٢- سورة المائدة آية: ٤٦.
٣- سورة آل عمران آية: ٥٠.
٤- تفسير القرآن العظيم ٢/٤٠.
٥- سورة الأعراف آية: ١٥٧.

<<  <   >  >>