للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبر ـ سبحانه ـ بأن الرسل جميعهم بشر اختصهم الله بالوحي ومنحهم من الكمال ما يجعلهم أهلاً لتلقي الوحي وتبليغه لغيرهم من الخلق قال تعالى مخاطباً رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ١.

ومن تحريف النصارى الذين جنوه على دينهم زعم بعضهم بأن عيسى إله قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} ٢ وقول بعضهم بالتثليث. قال تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٣.

فقد بين القرآن الكريم أن هذا تحريف منهم للعقيدة الصحيحة كما بين الاعتقاد الصحيح في عيسى عليه السلام وأمه. قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ. انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} ٤.

والحق الذي لا يقبل الجدال ولا النزاع أنه لا يوجد على وجه الدنيا بأسرها كتاب تصح نسبته إلى الخالق ـ جل وعلا ـ سوى القرآن الكريم وهذه حقيقة لا يماري فيها عاقل يدل على صحة هذه الحقيقة أدلة حسية إضافة إلى ما أخبر به القرآن الكريم من التحريف والواقع في الكتب التي يدعي اليهود والنصارى نسبتها إلى موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ومن هذه الأدلة:

١ـ أن الكتب التي أنزلها الله قبل القرآن قد فقدت نسخها الأصلية، ولم يبق في أيدي الناس إلا تراجمها. أما القرآن فإنه ما زال محفوظاً، سوره وآياته وكلماته وحركاته كما ألقاه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بلغه المصطفى صلى الله عليه وسلم لصحابته الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين.

٢ـ أن تلك الكتب قد اختلط فيها كلام الله تعالى بكلام البشر من سير الأنبياء


١- سورة الكهف آية: ١١٠.
٢- سورة المائدة آية: ٧٢.
٣- سورة المائدة آية: ٧٣.
٤- سورة المائدة آية: ٧٥.

<<  <   >  >>