للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الآية الثانية: وهي قوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ ... } الآية. ففيها الإخبار من الله ـ تعالى ـ بأن أرض المحشر ستضيء بنوره إذا تجلى لفصل القضاء بين الخلائق ويوضع كتاب الأعمال ويؤتى بالنبيين ليشهدوا على أممهم بأنهم بلغوهم رسالات الله ـ تعالى ـ لإقامة الحجة على المنكرين والمكذبين من الأمم.

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} قال: "يشهدون على الأمم بأنهم بلغوهم رسالات الله"١.

وأما الآية الثالثة: وهي قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} الآية ففيها إخبار من المولى ـ جل وعلا ـ بأن خزنة جهنم من ضمن توبيخهم لأصناف الكفار الداخلين جهنم توبيخهم لهم بقولهم: ألم تجئكم رسل من جنسكم يمكنكم مخاطبتهم والأخذ عنهم وأقاموا عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه وحذروكم شر هذا اليوم؟ فيكون الجواب منهم بأن الرسل جاؤوهم وأنذروهم وأقاموا عليهم الحجج والبراهين ولكنهم كذبوهم كما قال تعالى: {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} ٢ فهذه الآيات الثلاث المتقدمة من السورة دلت على وجوب الإيمان بالأنبياء والرسل ومعنى الإيمان بالأنبياء والرسل الإعتقاد الجازم بأن الله ـ جل وعلا ـ أرسل رسلاً من البشر ليرشدوا الخلق إلى ما يهمهم في معاشهم ومعادهم فقد اقتضت حكمة الحكيم العليم أن لا يترك خلقه سدى، بل أرسل إليهم رسلاً مبشرين بثوابه ومنذرين عقابه، وقد قاموا بتبليغ ما أمرهم الله بتبليغه من تنزيه لذاته وتبيين لأحكامه من أوامر ونواهي فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يعتقد وجوب تصديقهم في أنهم يبلغون ذلك عن الله ـ تعالى ـ.

ويعتقد وجوب اقتداء أممهم بهم في سيرهم، وأن يأتمروا بما أمروا به ويكفوا عما نهوا عنه.

وأن يعتقد بأنهم مؤيدون بالمعجزات الإلهية الدالة على صدق دعواهم أنهم أنبياء الله ورسله.


١- جامع البيان ٢٤/٣٣، تفسير ابن كثير ٦/١١.
٢- سورة الملك آية: ٩.

<<  <   >  >>