للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الآية الثانية: وهي قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} فهي شهادة قاطعة من الله ـ تعالى ـ لرسله بأنهم صادقون فيما قالوه عن الله ـ تعالى ـ كما اشتملت على الثناء والمدح للذين صدقوهم وآمنوا بهم ـ بأنهم متقون ـ بقوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} الذين اتقوا الله بتوحيده، والبراءة من الأوثان والأنداد فأدوا الفرائض واجتنبوا المعاصي فخافوا عقابه.

وقد وردت آيات كثيرة على غرار قوله ـ تعالى ـ {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وكلها تدل على صدق رسل الله وأنبيائه ووجوب تصديقهم قال تعالى: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} ١.

وقال تعالى في شأن خليله إبراهيم عليه السلام: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً} ٢ وقال تعالى في شأن إسماعيل عليه السلام {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً} ٣ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن رسل الله وأنبياءه هم أكمل البشرية صدقاً على الإطلاق، فيجب على كل مؤمن ومؤمنة اعتقاد صدق جميع أنبياء الله ورسله، ويجب الإعتقاد الجازم أنهم أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة على الوجه الأكمل وبينوا بياناً واضحاً شافياً كافياً. لا حاجة إلى بيان سواه، ويجب على العباد طاعتهم وعدم مخالفتهم لأن ذلك من طاعة الله، وأنهم أكمل البرية خلقاً وعملاً وأنهم مختصون بفضائل لا يصل إليها أحد سواهم، وأنهم معصومون من الكذب والخيانة والكتمان والتقصير في التبليغ وعن الكبائر كلها دون الصغائر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ تعالى ـ "القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف حتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا القول قول أكثر الأشعرية وهو أيضاً قول أهل التفسير والحديث والفقهاء بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول ... " أ. هـ٤.

ويجب الإيمان بأن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا رجالاً من بني آدم وليسوا من


١- سورة يس آية: ٥٢.
٢- سورة مريم آية: ٤١.
٣- سورة مريم آية: ٥٤.
٤- مجموع الفتاوى ٤/٣١٩.

<<  <   >  >>