للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المكذبين به من قومه المؤمنين منهم ميتون كذلك، وإذا كان أشرف الخلق وأحبهم إلى الله ـ تعالى ـ قد ذاق الموت فكذلك غيره من إخوانه الأنبياء والرسل قد ذاقوه من قبله.

قال عماد الدين ابن كثير رحمه الله ـ تعالى ـ"هذه الآية من الآيات التي استشهد بها الصديق رضي الله عنه عند موت الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تحقق الناس موته مع قوله ـ عز وجل ـ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} ومعنى هذه الآية أنكم ستنقلون من هذه الدار لا محالة وستجتمعون عند الله ـ تعالى ـ في الدار الآخرة وتختصمون فيما أنتم فيه في الدنيا من التوحيد والشرك بين يدي الله عز وجل فيفصل بينكم"١.

وهذه الآية دلت على أن الرسل يموتون ويقتلون كما يموت غيرهم من الخلق ويقتلون.

قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ٢ قال ابن جرير رحمه الله ـ تعالى ـ "يقول تعالى ذكره: لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما خلدنا أحداً من بني آدم يا محمد قبلك في الدنيا فنخلدك فيها ولا بد لك من أن تموت كما مات من قبلك من رسلنا" أ. هـ٣.

"وكونه صلى الله عليه وسلم قد ذاق الموتة الأولى التي هي موتة الدنيا لا ينافي حياته البرزخية حيث أخبرنا الله ـ تعالى ـ في كتابه بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ولم ينالوا ذلك إلا بمتابعتهم وإيمانهم بهم الإيمان الصادق، وحياة الأنبياء البرزخية تفوق حياة الشهداء إذ هم أفضل الخلق على الإطلاق"٤.

وروى أبو داود في سننه بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم "٥.


١- تفسير القرآن العظيم ٦/٩٠، والآية رقم ١٤٤ من سورة آل عمران.
٢- سورة الأنبياء آية: ٣٤.
٣- جامع البيان ١٧/٢٤.
٤- فتح الباري ٦/٤٨٨.
٥- ٢/٤٧١.

<<  <   >  >>