للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القائلين فيتبعون أرشده وأهداه وأدلهُ على توحيد الله والعمل بطاعته ويتركون ما سوى ذلك من القول الذي لا يدل على رشاد ولا يهدي إلى سداد" أ. هـ١.

وقال العلامة الشوكاني رحمه الله ـ تعالى ـ عند قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ} قال: {لَهُمُ الْبُشْرَى} بالثواب الجزيل وهو الجنة وهذه البشرى إما على ألسنة الرسل أو عند حضور الموت أو عند البعث {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} المراد بالعباد هنا العموم فيدخل الموصوفون بالإجتناب والإنابة إليه دخولاً أولياً، والمعنى: يستمعون القول الحق من كتاب الله وسنة رسوله فيتبعون أحسنه أي محكمه ويعملون به.

قال السدي: "يتبعون أحسن ما يؤمرون به فيعملون بما فيه، وقيل هو الرجل يسمع الحسن والقبيح فيتحدث بالحسن ويكف عن القبيح فلا يتحدث به، وقيل: يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن، وقيل يستمعون الرخص والعزائم فيتبعون العزائم ويتركون الرخص، وقيل يأخذون بالعفو ويتركون العقوبة، ثم أثنى ـ سبحانه ـ على هؤلاء المذكورين فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ} أي: هم الذين أوصلهم الله إلى الحق وهم أصحاب العقول الصحيحة لأنهم الذين انتفعوا بعقولهم ولم ينتفع من عداهم بعقولهم" أ. هـ٢.

ودعوة الرسل إلى الله ـ جل وعلا ـ دائماً تقترن بالتبشير والإنذار، لأن ارتباط دعوتهم بالتبشير والإنذار وثيق جداً، فقد قصر ـ القرآن الكريم ـ مهمة الرسل عليهما في بعض آياته: قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} ٣ وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم لنفسه مثلاً في هذا فقال: "مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا، وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبته طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبحهم


١- جامع البيان ٢٣/٢٠٦.
٢- فتح القدير ٤/٢٥٦.
٣- سورة الكهف آية: ٥٦.

<<  <   >  >>