للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه المسألة وغيرها "فإنهم يثبتون قدرة الله على جميع الموجودات من الأعيان والأفعال ومشيئته العامة، وينزهونه أن يكون في ملكه ما لا يقدر عليه ولا هو واقع تحت مشيئته، ويثبتون القدر السابق وأن العباد يعملون على ما قدره الله وقضاه وفرغ منه وأنهم لا يشاؤون إلا أن يشاء الله، ولا يفعلون إلا من بعد مشيئته وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا تخصيص عندهم في هاتين القضيتين بوجه من الوجوه، والقدر عندهم قدرة الله ـ تعالى ـ وعلمه، ومشيئته وخلقه فلا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بمشيئته وعلمه، وقدرته فهم المؤمنون "بلا حول ولا قوة إلا بالله" على الحقيقة إذا قالها غيرهم على المجاز إذ العالم علويه، وسفليه، وكل حي يفعل فعلاً فإن فعله بقوة فيه على الفعل وهو في حول من ترك إلى فعل ومن فعل إلى ترك، ومن فعل إلى فعل، وذلك كله بالله ـ تعالى ـ ويؤمنون بأن من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأنه هو الذي يجعل المسلم مسلماً والكافر كافراً والمصلي مصلياً والمتحرك متحركاً وهو الذي يسير عبده في البر والبحر وهو المسير والعبد السائر ... ويثبتون مع ذلك قدرة العبد وإرادته، واختياره وفعله حقيقة لا مجازاً وهم متفقون على أن الفعل غير المفعول ... فحركات العباد واعتقاداتهم أفعال لهم حقيقة وهي مفعولة لله ـ سبحانه ـ مخلوقة له حقيقة والذي قام بالرب ـ عز وجل ـ علمه وقدرته ومشيئته وتكوينه والذي قام بهم هو فعلهم وكسبهم وحركاتهم وسكناتهم فهم المسلمون المصلون القائمون القاعدون حقيقة، وهو ـ سبحانه ـ هو المقدر لهم على ذلك القادر عليه الذي شاءه منهم وخلقه لهم ومشيئتهم وفعلهم بعد مشيئته فما يشاؤون إلا أن يشاء الله، وما يفعلون إلا أن يشاء الله، وإذا قارن الإنسان بينه وبين المذاهب الأخرى وجد أنه المذهب الوسط السوي ووجد غيره من المذاهب خطوطاً عن يمينه وعن شماله فقريب منه، وبعيد"١.


١- شفاء العليل ص٥٢.

<<  <   >  >>