للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضل

قال لبيد هذا في جاهليته فوافق قوله التنزيل العزيز {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} " أ. هـ١.

وبعد تعريف الهدى والضلال نقول: إن الهدى والضلال هما لب أبواب القدر، وما يتعلق به من المسائل، فإن أعظم نعمه يقدرها الله تعالى للعبد هي نعمة الهداية وأعظم مصيبة يصاب بها الإنسان هي مصيبة الضلال وكل ما بالإنسان من نعمة هي دون نعمة الهداية، وكل مصيبة مهما كبرت وعظمت فهي دون مصيبة الضلال وقد أجمع الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى خاتمهم والكتب المنزلة عليهم ـ أن الباري سبحانه ـ يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأن من هداه الله فلا مضل له ومن أضله الله فلا هادي له، فالهداية والإضلال بيده ـ سبحانه ـ وأن العبد لا يملك من ذلك شيئاً٢ ونصوص الكتاب والسنة تقرر أن العبد هو الضال أو المهتدي، وقد دلت سورة "الزمر" في عدد من آياتها على أن الهداية والإضلال فعل الله والإهتداء والضلال فعل العبد وكسبه.

قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} .

وقال تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} .

وقال تعالى: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} .

وقال تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} .

وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} .

وقال تعالى: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} .


١- اللسان ١١/٣٩١، والآية رقم ٨ من سورة فاطر.
٢- انظر شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر لابن القيم ص٦٥ بتصرف.

<<  <   >  >>