للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشكال شتى أفيعجز من أعاد الحياة إلى هذه الأرض الميتة والأشجار اليابسة أن يعيد إلى الإنسان حياته مرة أخرى لمجازاته على ما عمل في هذه الحياة الدنيا؟ بلى إنه على كل شيء قدير.

قال ابن كثير عند قوله تعالى: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً} ١ "هذا دليل آخر على قدرته ـ تعالى ـ على إحياء الموتى كما يحيي الأرض الميتة الهامدة وهي المقحلة التي لا ينبت فيها شيء ... {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: فإذا أنزل الله عليها الماء اهتزت أي: تحركت بالنبات وحييت بعد موتها وربت أي: ارتفعت ثم أنبتت ما فيها من الألوان والفنون ومن ثمار وزروع وأشتات النباتات في اختلاف ألوانها وطعومها ورائحتها وأشكالها ومنافعها ولهذا قال تعالى: {وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: حسن المنظر طيب الريح" اهـ٢.

خامساً: الإستدلال على البعث والإعادة بإخراج النار من الشجر الأخضر، والآيات الدالة على ذلك ما يلي:

١ ـ قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} ٣.

٢ ـ قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ} ٤.

إن الذي قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من الماء قادر على إعادة الحياة إلى ما كان غضَّاً طريَّاً ثم تحول إلى يابس"٥. تلك هي بعض الدلائل الواضحة، والبراهين الساطعة التي استعملها القرآن لإثبات الإيمان باليوم الآخر والمسالك التي استعملها القرآن لإثبات ذلك اليوم كثيرة جداً، ويكفينا منها في مقامنا هذا تلك الإستدلالات الخمسة المتقدمة.


١- سورة الحج آية: ٥.
٢- تفسير ابن كثير ٤/٦١٧.
٣- سورة يس آية: ٨٠.
٤- سورة الواقعة آية: ٧١ ـ ٧٢.
٥- هذه الطرق التي استعملها القرآن لإثبات البعث بعد الموت أشار إليها بإيجاز شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر "مجموع الفتاوى" ٩/٢٢٤ ـ ٢٢٥. وانظر النهاية لابن كثير ١/١٦٥ ـ ١٦٨.

<<  <   >  >>