للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفة هذه الأرض:

لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة أرض المحشر التي يقف عليها الخلائق للحساب وللجزاء العادل وكيف هي:

فقد جاء عن سهل بن سعد رضي الله ـ تعالى ـ عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي" قال سهل ـ أو غيره ـ ليس فيها معلم لأحد١.

فمن هذه الصفات الواردة في هذا الحديث يتبين أن تلك الأرض التي يقف عليها العباد يوم القيامة بين يدي ربّهم ـ تبارك وتعالى ـ هي أرض مغايرة لأرض الدنيا، وليس بينهما أي تشابه فأرض الموقف لها صفات أخرى، وأرض الدنيا لها صفات أخرى، وأن أرض الدنيا التي يعرفها الخالق ستنتهي وتضمحل وتحل محلها أرض أخرى هي أكبر منها وأطهر.

وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث "عفراء" للعلماء في هذه الكلمة عدة تفاسير نقلها عنهم الحافظ ابن حجر رحمه الله ـ تعالى ـ فقال: "قال الخطابي: العفر بياض ليس بالناصع".

وقال عياض: "العفر بياض يضرب إلى حمرة قليلاً ومنه سمي عفر الأرض وهو وجهها".

وقال ابن فارس٢: معنى عفراء: خالصة البياض.

وقال الداودي: شديدة البياض.

قال ابن حجر: "كذا قال والأول هو المعتمد" أ. هـ٣.

فالحافظ رحمه الله رجح من هذه الأقوال قول الخطابي وهو أن معنى كلمة "عفراء"


١- صحيح البخاري مع الفتح ١١/٣٧٢، صحيح مسلم بشرح النووي ١٧/١٣٤.
٢- هو أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي أبو الحسين من أئمة اللغة والأدب أصله من قزوين ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وتوفي سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان"١/٣٥، والأعلام ١/١٨٤.
٣- الفتح ١١/٣٧٥.

<<  <   >  >>