للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الآيات صورت لنا مشهد من يأخذ كتابه بيمينه، ومن يأخذه بشماله وأما عن القسم الثالث فقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} ١.

فالقرآن الكريم حصر الكيفية في أخذ الكتب على ثلاث حالات فقط هذا على حسب ظاهر الآيات، ولكنها في واقع الأمر ترجع إلى حالتين إما أن يكون الأخذ باليمين وهذه للسعداء من أهل التوحيد والإيمان، وإما أن يكون الأخذ بالشمال وهذه حالة أهل الشقاوة والخسران ولذلك حصل الخلاف بين العلماء في الحالة الثالثة وهي حالة إيتاء الكافر كتابه من وراء ظهره ولكن نتيجة الخلاف يرجع إلى أن الكافر يتناول كتابه بشماله، وإليك بعض أقوال العلماء في ذلك:

قال سعيد بن المسيب: الذي يأخذ كتابه بشماله تلوى يده خلف ظهره، ثم يعطى كتابه، وقيل تنزع من صدره إلى خلف ظهر.

وقال مجاهد: في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} قال: تجعل شماله وراء ظهره فيأخذ بها كتابه٢.

وقال القرطبي: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} تخلع كتفه اليسرى، فتجعل يده خلفه فيأخذ بها كتابه.

وقال مجاهد: "يحول وجهه في موضع قفاه فيقرأ كتابه"٣. وقراءة تلك الكتب تكون من القارئ وغير القارئ.

قال قتادة: "سيقرأ من لم يكن قارئاً في الدنيا"٤.

وقال الحسن: "يقرأ الإنسان كتابه أمياً، أو غير أمي" ٥.

وبقراءة الإنسان كتابه تظهر له نتيجة أعماله، وأقواله حسنة كانت أم قبيحة.


١- سورة الانشقاق آية: ١٠ ـ ١٥.
٢- انظر لوامع الأنوار: ٢/١٨٢.
٣- التذكرة ص٢٥٨، الجامع لأحكام القرآن ١٩/٢٧٢، وانظر تكملة شرح الصدور ص١٥، دفع إيهام الاضطراب ص٣١٢.
٤- جامع البيان ١٥/٥٣.
٥- التذكرة للقرطبي: ص٢٥٥.

<<  <   >  >>