للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد حديث صحيح دل على أن أبواب جهنم مفتوحة وأنها تغلق في رمضان.

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ومردة الجن" ١.

قال القاضي عياض حول هذا الحديث: "يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته، وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر وتعظيم لحرمته ويكون التصفيد ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين والتهويش عليهم.

قال: ويحتمل أن يكون المراد المجاز ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم وإيذاؤهم حتى يصيروا كالمصفدين ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء ولناس دون ناس.

قال: ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة: عما يفتحه الله ـ تعالى ـ لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموماً كالصيام والقيام وفعل الخيرات والإنكفاف عن كثير من المخالفات، وهذه أسباب لدخول الجنة، وأبواب لها وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات" اهـ٢.

والأولى حمل الحديث على الحقيقة، ولا ضرورة تدعو إلى صرف الحديث عن ظاهره، ولا منافاة بين الآية والحديث، فقد تكون أبواب الجنة والنار مفتوحة في بعض الأحيان، وتكون مغلقة في أوقات أخرى، فمن هنا لا تعارض بين الآية والحديث وينبغي الإبتعاد عن تأول الحديث بالتأويلات والاحتمالات التي ليس لها أية دلالة من اللفظ النبوي الشريف تؤيدها.

والذي نخلص إليه مما تقدم من الآيات وبعض الأحاديث أنه يجب على كل مسلم الإيمان بأن لجهنم سبعة أبواب كما نطق بذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تلك الأبواب سيدخل منها أهل الكفر والشرك والجحود والنفاق على حسب أعمالهم وذنوبهم التي تلبسوا بها واقترفوها في الحياة الدنيا.


١- صحيح البخاري ١/٣٢٥، صحيح مسلم ٢/٧٥٨ واللفظ له.
٢- شرح النووي على مسلم ٧/١٨٨، وانظر "الفتح" ٤/١١٤.

<<  <   >  >>