للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عبد الله القرطبي: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} أي: مما أحاط بهم من غضب الله ونقمته١.

فوجوه أهل النار يوم القيامة تسود وتكون مغطاة بالسواد كما قال تعالى في موضع آخر: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} ٢.

وكقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ٣.

وقوله تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} بين ـ سبحانه ـ أن الكبر من أقبح الصفات الذميمة التي تجعل من جهنم مثوى ومستقراً لمن تخلق به وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكبر بقوله: "الكبر بطر الحق وغمط الناس" ٤.

قال النووي: "بطر الحق: دفعه ورده على قائله، وغمط الناس: احتقارهم" اهـ٥.

وصفات أهل النار التي تقدم ذكرها كما قلنا سابقاً إنما هي بعض صفاتهم التي وردت في السورة، وإلا فلهم صفات أخرى ذكرت في غيرها من سور القرآن وفي السنة المطهرة. مثل النفاق فإنه صفة من صفات أهل النار.

قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا} ٦.

ومثل ترك الصلاة وعدم إطعام المساكين والتكذيب بالرجوع إلى الله ـ تعالى ـ ولقد أخبر ـ تعالى ـ أن أهل الجنة يسألون أهل النار عن السبب الذي دخلوا به النار بقوله تعالى:


١- الجامع لأحكام القرآن ١٥/٢٧٥.
٢- سورة آل عمران آية: ١٠٦.
٣- سورة يونس آية: ٢٧.
٤- رواه مسلم في صحيحه ١/٩٣ من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
٥- رياض الصالحين ص٢٨٥.
٦- سورة النساء آية: ١٤٥.

<<  <   >  >>