للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمشركين والجاحدين خالدون مخلدون فيها "أي: لا يخرجون منها ولا هي تفنى بهم، فيزولوا بزوالها، وإنما هي حياة أبدية لا نهاية لها"١.

"فإذا جاء مع لفظ خلود الكفار في النار وصف بتأييده كان ذلك تأكيداً للخلود الذي لا نهاية له ولا أمد لانقضائه"٢.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل النار خالدون فيها أبداً.

فقد روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى النار، أتي بالموت حتى يجعل بين الجنة، والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم" ٣.

"فهذا الحديث نص صريح في خلود أهل النار فيها، لا إلى غاية ولا إلى أمد، مقيمين على الدوام والسرمد من غير موت ولا حياة، ولا راحة، ولا نجاة، بل كما قال تعالى في كتابه الكريم وأوضح فيه عن عذاب الكافرين: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} ٤ ... فمن قال إن أهل النار يخرجون منها وأن النار تبقى خالية بجملتها خاوية على عروشها، وأنها تفنى، وتزول فهو خارج عن مقتضى المعقول، ومخالف لما جاء به الرسول، وما أجمع عليه أهل السنة، والأئمة العدول.

قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ٥، وإنما تخلى جهنم وهي الطبقة العليا التي فيها العصاة من أهل التوحيد"٦.

والخلاصة مما تقدم أنه يجب على المسلم أن يؤمن بما دل عليه كتاب الله وسنة


١- انظر تفسير المنار ١/٢٣٤.
٢- انظر كتاب "الإنسان في القرآن الكريم لعبد الكريم الخطيب ص٤٧٠".
٣- ٤/٢١٨٩.
٤- سورة فاطر آية: ٣٦.
٥- سورة النساء آية: ١١٥.
٦- انظر التذكرة للقرطبي ص٤٣٦ ـ ٤٣٧.

<<  <   >  >>