للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الجهمية وأفراخهم المعتزلة، وطائفة من الخوارج وبعض الأشاعرة فقد أنكروا العرش بطريقة التأويل الفاسد، فقد زعموا: أن المراد بالعرش في الآيات والأحاديث هو عبارة عن سعة الملك والسلطان، وليس العرش الذي هو سقف المخلوقات وزعم بعضهم أن عرشه سماواته وأرضه، وجميع خلقه وهذا هو عين التحريف لنصوص الكتاب والسنة"١.

وقد بين محمد بن عثمان٢ بن أبي شيبة مذهب الجهمية في العرش فقال: "ذكروا أن الجهمية يقولون: أن ليس بين الله ـ عز وجل ـ وبين خلقه حجاب وأنكروا العرش، وأن يكون هو فوقه وفوق السموات وقالوا: إن الله في كل مكان وأنه لا يتخلص من خلقه شيء ولا يتخلص الخلق منه إلا أن يفنيهم أجمع فلا يبقى من خلقه شيء ـ تبارك وتعالى ـ عما يقولون علواً كبيراً" اهـ٣.

وقد عبر عبد الجبار بن أحمد عن مذهب إخوانه المعتزلة في العرش فقال بعد أن ذكر آيات الاستواء على العرش: "إن العرش ههنا بمعنى الملك وذلك ظاهر في اللغة يقال:

ثل عرش بني فلان أي إذا زال ملكهم، ثم استدل على هذا بقول الشاعر:

إذا ما بنوا مروان ثُلَّتْ عروشهم ... وأودت كما أودت إياد وحمير٤

وأما الأشاعرة وأفراخ المعتزلة فقد عبر عن مذهبهم في العرش أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي حيث قال: "والصحيح عندنا تأويل العرش في هذه الآية {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٥ على معنى الملك كأنه أراد أن الملك ما استوى لأحد


١- انظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء ص٩٥، التوحيد للمعتزلي ص٥٩٩، الاختلاف في اللفظ ص٢٤٢، الرد على الجهمية للدارمي ص١٣، العلو للعلي الغفار ص٥٨، مختصر الصواعق المرسلة ٢/١٤٠، شرح الطحاوية ص٣١٢.
٢- هو محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة العبسي من عبس غطفان أبو جعفر الكوفي مؤرخ لرجال الحديث من الحفاظ، توفي سنة سبع ومائتين هجرية. انظر ترجمته في: الميزان ٣/٦٤٢، تاريخ بغداد ٣/٤٢، الأعلام ٧/١٤٢.
٣- كتاب العرش ٥١ ق "مخطوط".
٤- شرح الأصول الخمسة ص٢٢٧.
٥- سورة طه آية: ٥.

<<  <   >  >>