للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: أن يكون داخلاً في عموم المخلوقات فإذا دخل في العموم أفاد عموم القدرة والمشيئة والخلق وتضمن ما اشتمل عليه من حكمة تتعلق بالعموم وذلك مثل قول الله ـ تعالى ـ {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ١.

الوجه الثاني: أن يكون مضافاً إلى السبب كقوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} ٢ وقوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} ٣.

الوجه الثالث: أن يحذف فاعله ومثال ذلك قول الجن {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} ٤ولم ينكر صفة الحكمة بالكلية إلا الجهمية فإنهم أصروا على قولهم بأنه ـ تعالى ـ خلق المخلوقات وأمر بالمأمورات لا لعلة ولا لداع ولا لباعث بل فعل ذلك لمحض المشيئة وصرف الإرادة، قال العلامة ابن القيم مبيناً مذهبهم الفاسد.

وكذلك قالوا ما له من حكمة ... هي غاية للأمر والإتقان

ما ثم غير مشيئة قد رجحت ... مثلاً على مثل بلا رجحان٥

والنافون للحكمة والتعليل ليس معهم دليل من كتاب أو سنة، أو إجماع فنفيهم صفة الحكمة مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل الصحيح والفطرة المستقيمة.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وجمهور الأمة يثبت حكمته ـ سبحانه ـ والغايات المحمودة في أفعاله فليس مع النفاة سمع ولا عقل ولا إجماع بل السمع والعقل والإجماع والفطرة تشهد ببطلان قولهم والله الموفق للصواب وجماع ذلك أن كمال ـ الرب ـ وجلاله وحكمته وعدله ورحمته وقدرته وإحسانه وحمده ومجده وحقائق أسمائه الحسنى تنفي ذلك وتشهد ببطلانه"٦.


١- سورة الرعد، آية: ١٦.
٢- سورة الفلق، آية: ٢.
٣- سورة آل عمران، آية: ١٦٥.
٤- مجموعة الرسائل الكبرى ١/٣٣٥ ـ ٣٣٧ والآية رقم: ١٠ من سورة الجن.
٥- القصيدة النونية مع شرحها "توضيح المقاصد وتصحيح القواعد" ١/٦٤ ـ ٦٥.
٦- شفاء العليل ص٢٠٤.

<<  <   >  >>