يُحيون بكتاب الله الموتى، ويُبَصرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلِّين" اهـ.
وكان من أولئك الأئمة الذين نشروا العقيدة السلفية الناصعة وحاربوا الأهواء الفاسدة الكاسدة الإمام حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب الإمام أحمد وتلميذه، فألَّف هذا الاعتقاد العظيم مودعًا فيه ما أجمع عليه سلف الأمة وما اتفقت عليه الأئمة في أصول الدين.
وقد أورد الإمام حرب الكرماني هذا الاعتقاد ضمن كتابه: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" تحت عنوان: باب القول بالمذهب، الذي ذكرَ فيه عقيدة أهل السنة والجماعة، مأخوذة عن أئمة الإسلام كالإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور وغيرهم من علماء أهل العراق والحجاز والشام.
فهذا الباب يعد بمثابة حكاية إجماع السلف لِمَا يجب أن يعتقده المرء