للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي اليوم التالي قال السلطان بعد أن أحضرهم جميعا واستشارهم: في أي طريق ينبغي أن نسير؟ قالوا ليس هناك أسهل من طريق «مرزبان» و «رعبان» و «تلباشر»، فالمسافة من هناك إلى «حلب» أغلبها صحراء [ونادرا ما يعترض الطّريق جبل] (١). فانطلقت القوّات نحو ذلك الطّريق، ووصلوا أوّلا إلى قلعة «مرزبان»، فاستخلصوها في ثلاثة أيّام، وفي تلك/ الأيام لحق الأمير نصرة الدين صاحب «مرعش» بجيش كثيف بالسلطان، فأمره بالاتجاه من هناك صوب قلعة «رعبان»، فتيسّر أمر السّيطرة عليها بدورها، وفوّض أمر حراستها لصهر الأمير نصرة الدين، واتّجه من ثمّ إلى قلعة تلباشر، فحاصرها عشرة أيام، فلم يكن لذلك أي أثر، فأمر السلطان بقطع الأشجار وبساتين الكروم المحيطة بالقلعة ببلطة القهر، واستئصالها. فلما شهد أهل القلعة ذلك المنظر تجمّعوا عند ملكها وقالوا:

ما معاشنا إلّا من ثمار تلك الأشجار، فإن قطع جيش الروّم ما لنا من كروم ببلطة القهر فمن أين ندبّر رزقنا؟ ومن ثمّ يجب على الملك أن يلتمس لنا العذر إن نحن سلّمنا القلعة الآن.

فطلب الملك مهلة وأرسل رسولا إلى السلطان قائلا: إن أساس انتعاشي أنا وأتباعي إنّما هو من هذه القلعة، فإذا ما انتزعها عبيد السلطان منّي فلست أدري من أين تتيسر البلغة ويتحصّل القوت؛ فلو أن السلطان أقطعني من الممالك المحروسة إقطاعا واستولى على هذه القلعة بدلا عن تلك القسوة (٢)، [وجعل أهل القلعة بمأمن من ضرر العساكر المنصورة] (٣) سلّمنا القلعة لمماليك دولة السلطنة.


(١) زيادة من أ. ع، ص ١٨٦.
(٢) قارن أ. ع ص ١٨٨، والنص هنا مضطرب غاية الاضطراب.
(٣) زيادة من أ. ع، أيضا.