٨٨ - وأخبرني يحيى بن أيوب، أن ابن جريج، حدثه عن عطاء بن أبي رباح، أنه قال: كل شيء سبي سبياً، فهو صيد، وكل شيء ولد بالقرى، فهو صيد.
٨٩ - قلت لأشهب: فما الفرق بين أن يملك الصيد حلالاً، ثم يحرم فلا يجوز له قتله، وبين أن يدخله الحرم حلالاً، ثم يجوز له في الحرم قتله؟ وإنما نهي المحرم عن الاصطياد، وجعله الله ﷿ حرما آمناً؟
فقال لي: الفرق بين ذلك، الضرورة، لأن الإحرام ينقضي عنك بلا كلفة، وأنت في مندوحة من ذبحه إلى حلك بلا مؤونة، وسكان الحرم لا ينقضي ذلك عنهم إلى مدة إلا بسفر ومشقة، ألا ترى أنه لم يكن عليك إرساله في إحرامك، إذا ملكته في حلك بمشقة إرساله وعتقه من يدك، وذهاب سبيك، ووقفت عن ذبحه إلى المدة التي يحل لك بها ذبح الصيد، أو لا ترى أيضاً، أنه لا يجوز لك إذا كنت محرماً قتل القمل، ولا حلاق الشعر، ولا تقليم الأظفار، ولا قتل الفراد، ولا الحلم، ولا خشاش الأرض، حتى ينقضي حرمك، لأن له مدة ينتهي إليها، يتسع عليك فيه الضيق بلا مؤونة، وإن ذلك يجوز لك كله في الحرم، لأنه مدة لا يتعضى ذلك عنك إلا بمؤونة وكلفة من الخروج من الحرم إلى الحل مسافراً أو دون ذلك، ولو خرجت مرة لم تنهك عن ثانية، ولو خرجت مرتين لم تنهياك عن ثالثة، وكذلك أمر الإسلام في أشياء كثيرة، ما ضاق منها واشتدت مؤنته وعظمت رزيته فخفف بوضع الإصر فيه، لقول الله ﷿: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ وإن هذا من قبل الصيد في الحرم، لمن أدخله مالكاً له من الحل، لمما قد اختلف فيه، إلا أن جماعة أهل العلم من أهل المدينة على ما قلت لك فيه.