للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلمِ: الانقطاعُ إلى الله، والتوكُّلُ عليه وحدَهُ، واطِّرَاحُ جميعِ الخَلْق؛ فلا يرجو إلا اللهَ، ولا يخافُ أحدًا سواه؛ إذْ ليس يرى فاعلًا إلَّا إياهُ، ويَرَى جميعَ الخلقِ في قَبْضةِ القَهْر، ليس بيَدِهم شيءٌ مِنْ الأَمْر، فيَطَّرِحُ الأسبابَ، ويَنبِذُ الأربابَ.

والدرجةُ الثالثة: ألَّا يرى في الوجودِ إلا اللهَ وحدَه؛ فيَغِيبُ عن النَّظَرِ إلى المخلوقات، حتى كأنَّها عنده معدومة.

وهذا هو الذي تسمِّيه الصوفيَّةُ: مقامَ الفَنَاء؛ بمعنى الغَيْبةِ عن الخَلْق؛ حتى إنه يَفنَى عن نَفْسِه، وعن توحيدِه؛ أي: يَغِيبُ عن ذلك باستغراقِهِ في مشاهَدةِ الله) (١).

قولُهُ: (الواحدُ له ثلاثةُ معانٍ … )، إلخ:

ما ذكَرَهُ في معنى الواحِدِ، وقولُهُ: إنَّ المعانيَ الثلاثةَ المذكورةَ صحيحةٌ في حقِّ الله: سقيمٌ في الجُمْلة، وقد جرى في ذلك على طريقةِ المتكلِّمين في تقسيمِ التوحيد (٢)؛ ويُؤخَذُ عليه وعليهم أمورٌ:

- أنَّهم لم يذكُرُوا توحيدَ الإلهيَّةِ المتضمِّنَ توحيدَ العبادة، الذي هو معنى: «لا إله إلا الله».

- أنَّ ما ذكَرُوهُ غايتُهُ أنْ يتضمَّنَ توحيدَ الربوبيَّةِ، الذي أقَرَّ به المشرِكون.


(١) «التسهيل» (١/ ٣٨٤ - ٣٨٥).
(٢) ينظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (٢/ ٣٨٥ - ٣٩٩)، و «التدمرية» (١٨٢ - ١٨٨ ت. السعوي) ومع شرح شيخنا (ص ٥٠٦)، و «مدارج السالكين» (٣/ ٤١٥ - ٤١٧).

<<  <   >  >>